للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر إبطال المعاملة بالفلوس العتق [١] ، بالقاهرة ومصر، وأعمال الديار المصرية]

قد ذكرنا إبطال المعاملة بالفلوس [عددا] [٢] واستقرارها حسابا عن كل [رطل] ثلاثة دراهم، وفى يوم الاثنين العاشر من المحرم توقف أرباب المعايش عن المعاملة بها بهذه القيمة لكثرتها، فرسم بالمعاملة بها حسابا عن كل رطل درهمين ونصف درهم، فتعامل الناس بها، ثم توقفوا فيها، فلما كان يوم الجمعة الحادى والعشرين من المحرم نودى فى المدينتين بالأمر السلطانى بإبطال المعاملة بالفلوس العتق، وأن تكون المعاملة بين الناس بفلوس جدد أمر بضربها بدار الضرب فاضطرب الناس لذلك اضطرابا شديدا، وأغلق كثير من أرباب المعايش حوانيتهم. وأبيعت [الفلوس] فى بقية يوم الجمعة، وبكرة نهار السبت كل رطل منها بدرهم واحد ونصف درهم. ووقفت معايش الناس، فإنه لم يكن قد ضرب من الفلوس الجدد الناصرية ما يدور فى أيدى الناس. ونودى فى المدينتين فى بكرة نهار السبت أنه من كان عنده شىء من الفلوس يحمله إلى دار الضرب، ويأخذ ثمنه حسابا عن كل رطل درهمين، هذا والناس يتعاملون بها (فيما) [٣] بينهم على حسب اتفاقهم بدرهم ونصف، وأقل منه، وأكثر، وأحوال الناس فى المعاملة بها على غاية الاضطراب، ثم رسم بالمعاملة بها الرطل بدرهمين، والفلوس الجدد عددا على العادة القديمة، وخرجت الفلوس الجدد من دار الضرب، وعلى أحد وجهيها اسم السلطان، وعلى الوجه الآخر مثال بقجة مربعة، وزنة كل فلس منها نصف وربع وثمن درهم، فتعامل الناس بذلك إلى شهر رجب من هذه السنة، إلى أن كثرت الفلوس الجدد، وضربها الزغلية [٤] ، وخففوا وزنها، فصار الفلس منها زنة نصف درهم، ونحو ذلك، فعاد الناس وتوقفوا فى أخذها، فرسم فى يوم السبت السادس والعشرين من شهر رجب بالمعاملة بالفلوس الجدد والعتق، الرطل بدرهمين ونصف، واستمرت الحال إلى سادس المحرم سنة أربع وعشرين وسبعمائة على ما نذكره.


[١] الفلوس: النقود النحاسية (المقريزى: إغاثة الأمة ص ٦٦) العتق: جمع عتيق وهو القديم. وفى المقريزى (النقود الإسلامية القديمة- ص ٢٢ نشر الكرملى ط. القاهرة ١٩٣٩) : «النقود التى كانت للناس على وجه الدهر على نوعين: السود الوافية، والطبرية العتق، وهما ما كان البشر يتعاملون به» وانظر أيضا السلوك (٢/٢٠٦ حاشية ٥)
[٢] فى «الأصل» (عملا) وما أثبتناه من «أ» ص ٣ لصحته.
[٣] ما بين القوسين زيادة عن «أ» ص ٤
[٤] الزغلية: المنسوبون إلى الزغل وهو الغش يريد المزيفين (عن تاج العروس مادة ز غ ل، وانظر (السلوك) (٢/٢٠٥ حاشية ٤)