للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروف بالسليمانى، نسبته إلى سليمان هذا، وخرج أيضا من ولاية أبى الجيش- لحج وأبين وما عداها- إلى البلاد الشرقية.

ومات أبو الجيش فى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة عن طفل اسمه عبد الله، وقيل زياد، فتولت كفالته أخته هند بنت أبى الجيش وعبد لأبيها يسمى رشدا،/ (٨٦) أستاذ حبشى، فقام بأمر الطفل، فلما مات رشد قام بكفالته حسين بن سلامة، وصيف من أولاد النوبة، وينسب إلى أمه، وقد كان هذّبه رشد وأحسن تأديبه، فخرج حازما حفيفا وقام بالأمر، ووزر لولد أبى الجيش وأخته، وكانت دولتهم قد تضعضعت أطرافها، وغلبت ملوك الجبال على الحصون والمخاليف، فقام الحسين [١] بحربهم حتى استرجع أكثر مملكة ابن زياد الأولى، واختطّ مدينة الكدرا أعلى وادى سهام، ومدينة المعقر على وادى ذؤال، وكان عادلا فى الرعية، كثير الصدقات، وأنشأ الجوامع الكبار، والمنارات الطوال والقلب [٢] العاديّة فى المفاوز المنقطعة، وبنى الأميال والفراسخ والبرد على الطرقات من حضرموت إلى مكة شرفها الله تعالى.

ومات حسين فى سنة اثنتين وأربعمائة، وقد انتقل الأمر إلى طفل آخر من آل زياد، فتولت كفالته عمة له وعبد أستاذ اسمه مرجان من عبيد الحسين بن سلامة، وكان له عبدان فحلان من الحبشة رباهما صغيرين، وولاهما الأمور كبيرين، أحدهما يسمى نفيسا جعل إليه تدبير الحضرة، والثانى يسمى نجاحا، وهو والد سعيد الأحول وجيّاش، وكان يتولى أعمال الكدرا والمهجم ومور والواديين، فوقع التنافس بين نجاح ونفيس على وزارة الحضرة، وكان نفيس غشوما مرهوبا، ونجاح ذا رفق بالناس عادلا محببا/ (٨٧) إلى الرعية، وكان مولاهما مرجان يميل إلى نفيس، فنمى إلى نفيس، أن عمة ابن زياد تكاتب نجاحا، وتميل إليه، فأعلم مولاه، فأمره بالقبض عليها وعلى ابن زياد، فقبض


[١] يعنى حسين بن سلامة المذكور قبلا، ويورده مؤرخو اليمن دائما باسم الحسين (بأل) وانظر «المقتطف ٥٥ و ٦٢ و ٦٩» وابن المجاور (صفة بلاد اليمن (٧٢ و ٧٣) ، وبلوغ المرام ص ٣٥.
[٢] القلب: جمع القليب وهى البئر.