للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم استقاموا له،/ (١١٥) وقويت شوكته ونزل اليمن الأسفل لقتال بنى مهدى، فأوقع بهم فى الجبال، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وذلك فى ربيع سنة تسع وستين [وخمسمائة] .

[ذكر أخبار سعيد الأحول، واستيلائه على زبيد ثانيا ومن ملك بعده من آل نجاح]

قد ذكرنا أن المكرم هزم سعيدا الأحول، وقتل رجاله واستولى على زبيد، وأعاد إليها خاله أسعد بن شهاب فى سنة ستين وأربعمائة، فلما رجع المكرم بأمه إلى صنعاء وثب سعيد الأحول، فطرد أسعد بن شهاب من زبيد فلحق بابن أخته، واستولى سعيد الأحول على زبيد والأعمال التهامية بها إلى أن تحيلت الحرة السيدة على قتله، فأمرت والى الشعر أن يكاتبه، ويباطنه أنه يسلم إليه جبل الشعر [١] ، ومنه يستولى على الحرة وما بيدها من الأعمال، فطمع فى ذلك فخرج للميعاد، وأمرت الحرة ملوك اليمن الأعلى بحشد عساكرهم وراءهم ونزولهم من الجبال المطلة على زبيد، وأن يطووا المراحل خلف سعيد، فلما صار تحت الشعر أطبقت عليه جيوش العرب وجيوش الحرة، فقتل هو وأكثر من معه، وذلك فى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.

وعادت زبيد إلى المكرّم، وأعادت الحرة إليها أسعد بن شهاب، ثم انتزعها منه «جيّاش بن نجاح» أخو سعيد، وذلك أنه كان عند مقتل أخيه ببلاد الهند، وكان قد توجه إليها/ (١١٦) متنكرا فى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، فلما عاد وجد أخاه قد قتل، وخرجت زبيد عنهم، فدخل زبيد متنكرا، ولم يزل يتحيّل ويتلطّف حتى اجتمع له من مواليه وأصحابه خمسة آلاف حربة، وساعده على ظهوره على ابن القم [٢] الشاعر، وكان وزيرا لأسعد بن شهاب، فوثب بزبيد، وملكها وأعانه عوام المدينة، وأتى بأسعد بن شهاب أسيرا، فأكرمه وأطلقه، وكان جياش قد أحضر معه جارية من الهند حاملا، فولدت له ابنه


[١] جبل الشعر معروف قرب زبيد، واشتهر سكانه بصنع نوع من الثياب تشبه الغزلية فى مصر والألاجة فى الشام والعراق، ضبطه فى بلوغ المرام ص ١٤٥ بفتح الشين، وضبطه الواسعى (تاريخ اليمن ص ١٦٤) بكسرها.
[٢] فى ابن المجاور (صفة بلاد اليمن ص ١٧٣) ضبطه بضم القاف وفى موضع آخر منه ضبطه بالكسر. وانظر (ص ١٠٨ حاشية ٢) من هذا الجزء.