للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضى الله عنه بمكة: يا أمير المؤمنين، أقطعنى حيف الأرين [١] حتى أملأه عجوة، فقال له عمر: نعم، فبلغ ذلك أبا سفيان بن حرب، فقال: دعوه فليملأه ثم لينظر [أينا يأكل جناه] [٢] ، فبلغ ذلك السلمى فتركه، فكان أبو سفيان يدعيه، ثم كان معاوية هو الذى عمله وملأه عجوة، وذلك أنه أجرى فى الحرم عيونا عشرة [٣] ، واتخذ لها أخيافا [٤] ، فكانت حوائط [٥] فيها النخل والزرع، ذكرها أبو الوليد فى كتابه، قال أبو الوليد: واتخذت بعد ذلك ببلدح عيون سواها، ومنها: عين سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ببلدح، وحائط سفيان، والخيف الذى أسفل منه.

قال ثم انقطعت عيون معاوية تلك وذهبت، فأمر أمير المؤمنين/ (٢١٦) هارون الرشيد بعيون منها فعملت وأحييت وصرفت فى عين واحدة يقال لها الرشاد؛ لتسكب فى المأجلين [٦] اللّذين أحدثهما الرشيد بالمعلى [٧] ، ثم تسكب فى البركة التى عند المسجد الحرام، ثم كان الناس بعد تقطع هذه العيون فى شدّة الماء، وكان أهل مكة والحاج يلقون من ذلك المشقة، حتى أن الرواية لتبلغ فى الموسم عشرة دراهم وأكثر وأقل.

فبلغ ذلك أم جعفر بنت أبى الفضل جعفر بن المنصور، فأمرت فى سنة أربع وتسعين ومائة بعمل بركتها التى بمكة، فأجرت لها عينا من الحرم، فجرت بماء قليل لم يكن فيه رى لأهل مكة، وغرمت فى ذلك غرما عظيما، فبلغها ذلك، فأمرت [جماعة من] [٨] المهندسين أن يجروا/ لها عيونا من الجبل، فأرسلت بأموال عظيمة، ثم أمرت من نزف [٩] عينها الأولى، فوجدوا فيها فسادا، فأنشأت عينا أخرى إلى جنبها، وأبطلت تلك العين، وعملت هذه العين بأحسن ما يكون من العمل، حتى بلغت ثنية جبل، وإذا الماء لا يظهر فى


[١] الضبط من الأزرقى ص ٤٤٢، وفى مراصد الاطلاع ١/٦٤ خيف الأرين موضع ورد فى حديث أبى سفيان «.. أقطعنى خيف الأرين أملأه عجوة» .
[٢] لم يتضح في ك، وما أثبتناه عن أص ٢١٥، والأزرقى ص ٤٤٢
[٣] عدّد الأزرقى هذه العيون العشر مفصلة (ص ٤٤٢- ٤٤٤) .
[٤] الأخياف: جمع خيف، وهو ما انحدر من غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء (المعجم الوسيط) .
[٥] الحوائط جمع حائط، ومعناه هنا البستان.
[٦] الواحد ماجل: مستنقع الماء، وأبو عبيد يهمزه فيقول مأجل والجمع مآجل (لسان العرب) .
[٧] فى الأزرقى ٤٤٤ «فى المأجلين اللّذين أحدهما لأمير المؤمنين بالمعلاة» .
[٨] الزيادة من الأزرقى ص ٤٤٤
[٩] فى «ك» «من يرف» والمثبت من «أ» ص ٢١٦، وفى الأزرقى «يزن» .