للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصرية، فتكرر طلب التتار له لما وقع الصلح، وسألوا السلطان إرساله إليهم، وذكروا أن له إخوة وعيالا يبكون عليه، فعرض السلطان عليه العود إلى بلاده فيما تقدم، فأبى، فلما كان فى هذا الوقت عاد سيف الدين كرماس أحد مماليك الأمير سيف الدين أيتمش المحمدى من جهة الأمير جوبان نائب الملك أبى سعيد- وكان قد توجه إليه برسالة- فأكد عليه فى سؤال السلطان فى إعادته، فرسم بعوده إلى بلاده، وخلع السلطان عليه وزوّده، فتوجه فى هذا التاريخ، ثم عاد الأمير المذكور فى هذه السنة رسولا من جهة الملك أبى سعيد، فسمع السلطان رسالته، وخلع عليه [وأعاده] [١] .

[ذكر اتصال الأمير سيف الدين قوصون بابنة السلطان الملك الناصر]

وفى يوم الاثنين الثالث من جمادى الآخرة من هذه السنة/ (٢٣٧) عقد نكاح الأمير سيف الدين قوصون الناصرى على إحدى بنات السلطان الملك الناصر بحضور قضاة القضاة وأمراء الدولة الشريفة، وذلك بقلعة الجبل، وتولى عقد النكاح بالإذن السلطانى قاضى القضاة شمس الدين محمد بن الحريرى الحنفى، وبنى بها فى ليلة الجمعة الثالث عشر من شهر رجب، وكان ابتداء الفرح من يوم الاثنين تاسع الشهر.

وهذا الأمير- سيف الدين قوصون المذكور- لم يكن قديم الهجرة فى الخدمة السلطانية، وإنما ابتاعه السلطان من سنيّات من رسل أزبك، فأحسن إليه، وأمّره، وزاد فى الإحسان إليه حتى انتهى إلى هذه الغاية، ثم قدمه على ألف، وعظم شأنه، وارتفع محله، وتميز إقطاعه، وكثرت عصائره، واتسع ملكه، وتقدم فى الدولة تقدما عظيما، ووصل إخوته من بلاد الملك أزبك، وتزوج السلطان بعد ذلك بأخته، وكان من تمكنه وبسطته ما نذكره إن شاء الله تعالى فى موضعه [٢] .


[١] زيادة من «أ» . ص ٢٣٦.
[٢] ورد هذا الخبر مختصرا فى (السلوك ٢/٢٨٣) والنجوم (٩/٨٩) .