للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما ولى الشيخ مجد الدين الخانقاة الصلاحية تحدث مع السلطان فى أمر الفقراء بالخانقاتين المذكورتين، فندب السلطان لذلك الأمير سيف الدين قجليس الناصرى أمير سلاح، وقاضى القضاة جلال الدين القزوينى، فحضرا إلى الخانقاة فى يوم الاثنين حادى عشر ذى القعدة، وعرض الفقراء بها وبالخانقاة الركنية، فأخبرنى الأمير سيف الدين قجليس المشار إليه أنه أنهى إلى السلطان أمر العرض، وأنه رسم أنه من حضر إلى الخانقاة فى وقت الوظيفة وأدّاها يستمر ولا يقطع، ومن كانت له وظيفة تعارضه فى الوقت يخيّر فى إحداهما [١] ، ثم حضر الشيخ مجد الدين واجتمع بالسلطان، وقرّر معه قطع جماعة العدول [٢] الجالسين بسوق الورّاقين من الخانقاة، وأرباب الوظائف، فقطع من الخانقاة الصلاحية من له عدالة بارزة، وجلوس بسوق الوراقين، وقطع أيضا جماعة من أرباب الوظائف، فصارت العدالة البارزة وصمة عليهم، وسببا لحرمانهم، وقويت الشناعة فى ذلك، فأعيد بعض من قطع، وكره الناس من الشيخ مجد الدين هذه الواقعة، أشد الكراهة، وتكلموا عليه وعلى ابن أخيه أوحد الدين أحمد بهذا السبب، ثم انفصل الشيخ افتخار الدين من مشيخة الخانقاة الركنية، ولم يطل مقامه بها، ثم سكنت الأحوال فى ذلك/ (٢٥٢) .

وفيها فى ليلة الجمعة ثالث عشر ذى الحجة بنى الأمير شهاب الدين أحمد [٣] بن الأمير سيف الدين بكتمر الساقى الركنى الناصرى بابنة الأمير سيف الدين تنكز [٤] نائب السلطنة بالشام، وكان قد تقدم عقد النكاح عليها عند حضور والدها فى هذه السنة إلى الأبواب السلطانية، ووصلت من دمشق فى ليلة الجمعة مستهل ذى القعدة، وحصل الاهتمام بأمر الفرح، ووصل بسببه الملك المؤيد عماد الدين صاحب حماة، وقدّم التّقادم الوافرة، وكان بسبب هذا المهمّ من الاحتفال والتقادم وحمل الشموع شىء كثير.


[١] عبارة أص ٢٥١ فى هذا الموضع: «ومن كانت له وظيفة معارضة يخير فى إحداهما» .
[٢] العدول يعنى الشهود، وهم قوم يتعرفون أحوال الناس ويشهدون فى القضايا، وقد نصبوا أنفسهم لذلك فصارت تلك حرفتهم، وكانت لهم حوانيت كالمكاتب اليوم لطائفة المحامين (معيد النعم ومبيد النقم ص ٦٣ هامش ٢) .
[٣] أحمد بن بكتمر الساقى: ترجمته فى الدرر (١/١١٤) مولده سنة ٧١٣ ووفاته سنة ٧٣٢ هـ ذكر ابن حجر أن السلطان كان يقربه جدا، ويحبه كثيرا، وأعطاه إمرة مائة وهو صغير، وزوجه بنت تنكز، وعمل له العرس بنفسه، قال: ولشدة تعلق السلطان به كان أكثر الناس يقول إنه ابن السلطان.
[٤] الضبط فى القلقشندى (صبح الأعشى ٥/٤٢٥) تنكز وفى النجوم: تنكز.