للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر متجدّدات كانت بدمشق فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة

فى هذه السنة فى أوائل شهر ربيع الأول تجرّأ رجل يقال له محيى الدين ابن الحكم الكاتب جرأة عظيمة لم يسبق إلى مثلها فيما بلغنا، وذلك أنه اتفق مع أربعة من الرسل المتصرّفين بباب الحكم العزيز، وجلس فى قاعة تعرف بدرب البلسانى بخطّ عتبة الكتاب بدمشق، وسمى نفسه عماد الدين، وأحضر نصرانيا له مال، وأوهمه هو والرسل أنه نائب قاضى القضاة المالكى بدمشق، وقال للنصرانى: قد ثبت عندى أنك قلت لرجل مسلم أنك أخى وأنا أخوك ولا فرق بينى وبينك، وبمقتضى هذا القول تكون مسلما، وتهدّده بالقتل، وتحدث الرسل مع النصرانى، وأشاروا عليه أن يعطيه مالا، فتقررت الحال على ألف درهم ومائتى درهم عجّل النصرانى منها ستمائة درهم، وأحضر شهودا إلى باب الدار، وكتب عليه حجة بستمائة درهم، ورفع عنه الترسيم، فلما أطلق النصرانى توجه إلى القاضى شمس الدين ناظر النظار، وأنهى له الصورة، وأحضر نائب قاضى القضاة المالكى، فلما رآه النصرانى قال: ما هو هذا، ثم أحضر عماد الدين نائب قاضى القضاة الحنفى، فقال/ كذلك، فسير جماعة إلى الدار وهجمت فمسك، وأحضر إليه والدراهم والحجة معه، فاستنقذ ذلك منه وأطلقه شمس الدين الناظر، فلما اتصل الخبر بمتولى دمشق اعتقله، وطالع نائب السلطنة بأمره، فرسم بضربه وضرب الرسل الذين اتفقوا معه على ذلك، وشقّ منا خيرهم، وإشهارهم على الحمر، ففعل بهم ذلك فى يوم الأحد سادس شهر ربيع الأول، واعتقلوا.

وفيها فى يوم الاثنين ثالث جمادى الأولى أنعم على الأمير علاء الدين ولد قاضى القضاة نجم الدين أحمد بن صصرى [١] بإمرة عشرة طواشية بدمشق، ولبس التشريف فى اليوم المذكور.


[١] أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن الربعى بن صصرى، ترجمته فى الدرر (١/٢٦٣) والدارس فى تاريخ المدارس (١/١٣٢) .