للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تظنن أن الذى يضطرب بنفسه على الأرض أتمّ وجدا من الساكن باضطرابه، بل ربّ ساكن أتمّ وجدا من المضطرب؛ فقد كان الجنيد يتحرّك في السماع في بدايته ثم صار لا يتحرّك فقيل له في ذلك فقال: (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)

إشارة إلى أن القلب مضطرب جائل فى الملكوت، والجوارح متأدّبة في الظاهر ساكنة.

الأدب الرابع- ألّا يقوم ولا يرفع صوته بالبكاء وهو يقدر على ضبط نفسه؛

ولكن إن رقص أو تباكى فهو مباح إذا لم يقصد به المراءاة؛ لأن التباكى استجلاب للحزن، والرقص سبب في تحريك السرور والنشاط، وكل سرور مباح فيجوز تحريكه؛ ولو كان ذلك حراما لما نظرت عائشة رضى الله عنها إلى الحبشة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم يزفنون «١» . وقد روى عن جماعة من الصحابة أنهم حجلوا لمّا ورد عليهم سرور أوجب ذلك [وذلك «٢» ] فى قصة ابنة حمزة بن عبد المطلب لما اختصم فيها علىّ بن أبى طالب وأخوه جعفر وزيد بن حارثة رضى الله عنهم، فتشاحّوا في تربيتها؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلّى: «أنت منّى وأنا منك» فحجل علىّ. وقال لجعفر: «أشبهت خلقى وخلقى» فحجل. وقال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» فحجل. الحديث. قال: والحجل «٣» : الرقص، ويكون لفرح أو شوق، فحكمه حكم مهيّجه إن كان فرحه محمودا؛ والرقص يزيده ويؤكده فهو محمود، فإن كان مباحا فهو مباح، وإن كان مذموما فهو مذموم. نعم لا يليق ذلك بمناصب الأكابر وأهل القدوة لأنه في الأكثر يكون عن لهو ولعب، وما له صورة اللعب في أعين الناس