للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به بأسا في البلاد التى جرت العادة فيها بإكرام الداخل بالقيام؛ فإنّ القصد منه الاحترام والإكرام وتطييب القلب به؛ كذلك سائر أنواع المساعدة إذا قصد بها طيبة القلب واصطلح عليها جماعة فلا بأس بمساعدتهم عليها؛ بل الأحسن المساعدة إلا فيما ورد فيه نهى لا يقبل التأويل. ومن الأدب ألّا يقوم للرقص «١» مع القوم إن كان يستثقل رقصه ويشوّش عليهم أحوالهم؛ إذ الرقص من غير إظهار التواجد مباح، والمتواجد هو الذى يلوح للجمع منه أثر التكلّف؛ ومن يقوم عن صدق لا تستثقله الطباع؛ فقلوب الحاضرين إذا كانوا من أرباب القلوب محكّ للصدق والتكلّف. سئل بعضهم عن الوجد الصحيح فقال: صحته قبول قلوب الحاضرين له إذا كانوا أشكالا غير أضداد. هذا ملخّص ما أورده الغزالىّ رحمه الله تعالى فى معنى السماع وقسمه الى هذه الأقسام التى ذكرناها.

وأما أبو محمد علىّ بن أحمد بن سعيد بن حزم

فقد ذكرنا مسألة السماع وبيّن إباحته، فبدأ بذكر الأحاديث التى احتجّوا بها وضعّف رواتها نحو ما تقدّم وذكر الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)

وأنه قيل: إنه الغناء، فليس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا ثبت عن أحد من أصحابه رضى الله عنهم، فإنما هو قول بعض المفسّرين ممن لا يقوم بقوله حجّة؛ وما كان هكذا فلا يجوز القول به. ثم لو صحّ لما كان فيه متعلّق؛ لأنّ الله تبارك وتعالى يقول: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) *

وكلّ شىء اقتنى ليضل به عن سبيل الله فهو إثم وحرام ولو أنه شراء مصحف أو تعليم قرآن. فإذا لم يصحّ في هذا شىء فقد قال الله عز وجلّ: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)

. وقال تعالى: