للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل أيضا عن ابن الكلبىّ أنه كان مخنّثا أحول أعمش، يلقّب وجه الباب.

وكان لا يغنّى إلا متنقّبا، مسبل القناع على وجهه. قال: وكان أحسن الناس غناء، وكان يغنّى مرتجلا ويوقع بقضيب، وقيل: كان يضرب بالعود. وغنّى في زمن عثمان بن عفّان، ومات في خلافة هشام بن عبد الملك. وقيل: كان اسمه عبيد بن سريج من أهل مكة. وقال ابن جريج: كان عبيد بن سريج مولى آل خالد بن أسيد، وقيل: كان أبوه تركيا. وقيل: كان عوده على صنعة عيدان الفرس، وهو أوّل من ضرب به على الغناء العربىّ بمكة؛ وذلك أنه رآه مع العجم الذين قدم بهم ابن الزبير لبناء الكعبة، فأعجب أهل مكة غناؤهم. فقال ابن سريج: أنا أضرب به على غنائى، فضرب به فكان أحذق الناس. وأخذ الغناء عن سعيد بن مسجح، وقد تقدّم ذكر ذلك. وأوّل ما اشتهر بالغناء في ختان ابن مولاه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين. قال ابن سريج لأمّ الغلام: خفّضى عليك بعض المغرم والكلفة، فو الله لألهين نساءك حتى لا يدرين ما جئت به. وكان معبد إذا أعجبه غناء نفسه قال: أنا اليوم سريجىّ.

ومن أخباره أيضا أن عطاء بن أبى رباح لقيه بذى طوى وعليه ثياب مصبّغة وفي يده جرادة مشدودة الرّجل بخيط يطيرها ويجذبها كلما تخلّفت؛ فقال له عطاء:

يا فتّان، ألا تكفّ عما أنت فيه! كفى الله الناس مئونتك. فقال له ابن سريج:

وما على الناس من تلوبنى ثيابى ولعبى بجرادتى! فقال: تغنّيهم أغانيك الخبيثة.

فقال له ابن سريج: بحقّ من تبعته من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبحق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليك إلّا سمعت منّى بيتا من الشعر، فإن سمعت منكرا أمرتنى بالإمساك عما أنا عليه، وأنا أقسم بالله وبحقّ هذه البنيّة إن أمرتنى