للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاثر المدينة غنيّا أغانى بالفارسيّة [١] ، فأخذت عزّة عنهما نغما وألّفت [٢] عليها ألحانا عجيبة؛ فهى أوّل من فتن أهل المدينة بالغناء وحرّض رجالهم ونساءهم عليه.

وقال الزّبيرىّ. وجدت مشايخ أهل المدينة إذا ذكروا عزّة قالوا: لله درّها! ما كان أحسن غناءها، وأطلّ صوتها، وأندى حلقها، وأحسن ضربها بالمزاهر والمعازف وسائر الملاهى، وأجمل وجهها، وأظرف لسانها، وأقرب مجلسها، وأكرم خلقها، وأسخى نفسها، وأحسن مساعدتها!. وكانت جميلة تقول مثل ذلك فيها.

وكان ابن سريح فى حداثة سنّه يأتى المدينة فيأخذ عنها ويتعلّم منها؛ وكان بها معجبا، وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار المتفضّلة على كل من غنّى وضرب بالمعازف والعيدان من الرجال والنساء.

وكان ابن محرز يقيم بمكة ثلاثة أشهر ثم يأتى المدينة فيقيم بها ثلاثة أشهر من أجل عزّة، وكان يأخذ عنها. وقد تقدّم ذلك فى أخباره.

وكان طويس أكثر ما يأوى إلى منزل عزّة، وكان فى جوارها، وكان إذا ذكرها يقول: هى سيّدة من غنّى من النساء، مع جمال بارع، وخلق فاضل، وإسلام لا يشوبه دنس؛ تأمر بالخير وهى من أهله، وتنهى عن الشرّ وهى تجانبه، فناهيك بها! ما كان أنبلها وأنبل مجلسها!. ثم قال: كانت إذا جلست جلوسا عامّا فكأنّ الطير على رءوس أهل مجلسها، فمن تكلّم أو تحرّك نقر رأسه.

وقال صالح بن حسّان الأنصارىّ: كانت عزّة مولاة لنا، وكانت عفيفة جميلة.

وكان عبد الله بن جعفر وابن أبى عتيق وعمر بن عبد الله بن أبى ربيعة يغشونها


[١] كذا بالأغانى. وفى الأصل: «أغانى الفارسية» .
[٢] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «وألقت عليهما» الخ.