للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكاتبة فى الخدّ بالمسك جعفرا ... بنفسى مخطّ المسك من حيث أثّرا

لئن كتبت فى الخدّ سطرا بكفّها ... لقد أودعت قلبى من الحبّ أسطرا

فيامن لمملوك لملك يمينه ... مطيع له فيما أسرّ وأظهرا!

ويا من هواها فى السريرة جعفر ... سقى الله من سقيا ثناياك جعفرا

قال: فبقى علىّ بن الجهم واجما لا ينطق بحرف، وأمر المتوكّل بالأبيات فبعثت إلى عريب وأمرها أن تغنّى فيها. قال علىّ بن الجهم: فتحيّرت والله وتقلّبت خواطرى، فو الله ما قدرت على حرف واحد أقوله.

وقال أيضا: غاضب المتوكل يوما محبوبة وهجرها ومنع جواريها جميعا من كلامها؛ ثم نازعته نفسه إليها وأراد ذلك، ثم نازعته العزّة منها وامتنع من ابتدائها، وامتنعت من ابتدائه دلالا عليه لمحلّها منه. قال علىّ: فبكّرت إليه يوما؛ فقال لى:

يا علىّ، إنى رأيت البارحة فى نومى كأنّى صالحت محبوبة. فقلت: أقرّ الله عينك يا أمير المؤمنين وأنامك على خير وأيقظك على سرور! أرجو أن يكون هذا الصلح فى اليقظة. فبينا هو يحدّثنى وأحدّثه إذا بوصيفة قد جاءت فأسرّت إليه شيئا، فقال:

أتدرى ما أسرّت إلىّ هذه؟ قلت لا. قال: حدّثتنى أنها اجتازت بمحبوبة الساعة وهى فى حجرتها تغنّى، أفلا تعجب من هذا؟ أنا مغاضبها وهى متهاونة بذلك، لا تبدؤنى بصلح ثم لا ترضى حتى تغنّى فى حجرتها؛ فقم بنا حتى نسمع ما تغنّى. ثم قام وتبعته حتى انتهى إلى حجرتها، وإذا هى تغنّى:

أدور فى القصر لا أرى أحدا ... أشكو إليه ولا يكلّمنى

حتى كأنّى أتيت معصية ... ليست لها توبة تخلّصنى

فهل لنا شافع إلى ملك ... قد زارنى فى الكرى وصالحنى

حتى إذا ما الصّباح لاح لنا ... عاد إلى هجره فصارمنى