للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصارها إلى الوحشة بعد الأنس، والنّفرة بعد الإلف، تتقلقل تقلقل العوادى، وتشرد شرود الضوالّ، لافظة لها الأقطار ونابية بها المحالّ؛ إلى أن أعادها الله تعالى بلطفه إلى مغناها المعروف، وربعها المألوف؛ واستقرّت بعد الاضطراب، وفاءت بعد الاغتراب. وتلك نعمة الله عند سيّدنا أمير المؤمنين، لما جدّد له من كرامته، واصطفاه له من خلافته، وطوّقه إياه من إمامته؛ وردّه إليه من تدبير الملك، واعتمد عليه من سياسة الأنام؛ فأحيا به السّنن القاصرة، وأزال به الرسوم الجائرة؛ ونهج به سبيل العدل، وأقام به منار الفضل.

وقال طريح بن إسماعيل الثّقفىّ فى المنصور لمّا أفضت الخلافة إليه:

لمّا أتى الناس أنّ ملكهم ... إليك قد صار أمره سجدوا

واستبشروا بالرضا تباشرهم ... بالخلد لو قيل إنهم خلدوا

كنت أرى أنّ ما وجدت من الفر ... حة لم يلق مثله أحد

حتى رأيت العباد كلّهم ... قد وجدوا فيك مثل ما أجد

قد طلب الناس ما بلغت فما ... نالوا ولا قاربوا ولا جهدوا

يرفعك الله بالتّكرّم والتق ... وى فتعلو وأنت تقتصد

وقال زيد السّندىّ يهنئ الوزير يعقوب بن كلّس بوزارة العزيز بمصر:

إنّ الوزارة لم تزل بك صبّة ... تهواك لم يخطر سواك ببالها

خطبت فلم تعط القياد لطالب ... وأبت على طلّابها بوصالها

وقال ابن بشر الصّقلّىّ الكاتب يهنّئ الحسن بن إبراهيم التّسترىّ بوزارة مصر، وقد وزر للمستنصر فى سنة أربع وخمسين وأربعمائة:

بيومك طارت فى البلاد البشائر ... وطابت بمرجوع الحديث المحاضر

وأصبحت الأمصار أمنا وغبطة ... أسرّتها مهتزّة والمنابر

وقام خطيب الحمد فى كل موقف ... يعدّد ما تملى عليه المآثر