للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرنا الرب العظيم بالدعاء والإنابة، ووعدنا وهو الوفىّ الكريم بالقبول والإجابة؛ وترادفت بفضله الأخبار الصحيحة، وجاءت بشرفه الآثار الصريحة؛ على ما ستقف على ذلك إن شاء الله تعالى واضحا، وتعوّل عليه مقيما وظاعنا وغاديا ورائحا. فلازمه فى سائر أحوالك، وتعاهده فى بكرك وآصالك؛ فستجنى إن شاء الله منه ثمار غرسك، وتجد حلاوة ذلك فى قلبك وأنسه فى نفسك.

واعلم أن للدعاء، كما قال ابن عطاء، أركانا وأجنحة وأسبابا وأوقاتا. قال: فإن وافق أركانه قوى، وإن وافق أجنحته طار فى السموات، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أنجح. فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه من الأسباب. وأجنحته الصدق. ومواقيته الأسحار.

وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله عز وجل: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ.

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة أكنت ترى لبعض دعائك الإجابة ولا ترى لبعضه فيقول نعم فيقول له أما إنك ما دعوتنى بدعوة إلا وقد استجبت لك فيها أليس دعوتنى يوم كذا وكذا فرأيت الإجابة فيقول نعم ويقول ودعوتنى يوم كذا وكذا فلم تر الإجابة فيقول نعم فيقول فإنى ادّخرتها لك فى الجنة فلا يبقى له دعوة إلا بيّنها له حتى يتمنّى المؤمن أن دعواته كلها كانت ذخائره فى الآخرة»

. وعن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء هو العبادة»

قال: وقرأ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ.

وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس شىء أكرم على الله من الدعاء»

. وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الدعاء ينفع