للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى فى الحديث: «إن الله تعالى يقول وعزّتى لأجيبنّ دعوة المظلوم وإن كان كافرا» . وقال: «ما من عبد ظلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال: يا ربّ؛ عبدك، ظلمت فلم أنتصر إلا بك إلا قال الله لبّيك عبدى لأنصرنّك ولو بعد حين» .

وقيل: الظلم أدعى شىء إلى تغيير نعمة وتعجيل نقمة.

وقال ابن عبّاس: ليس للظالم عهد، فإن عاهدته فانقضه، فإن الله تعالى يقول:

لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ

. وأجمعوا على أن المظلوم موقوف على النّصرة لقوله تعالى:

ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ

. والظالم مدرجة العقوبة وإن تنفّست مدّته.

وقيل لعمر بن الخطاب رضى الله عنه: كان الرجل يظلم فى الجاهلية فيدعو على من ظلمه فيجاب عاجلا ولا يرى ذلك فى الإسلام؛ فقال: هذا حاجز بينهم وبين الظلم، وإن موعدكم الآن الساعة، والسّاعة أدهى وأمرّ.

وقيل: تندمل من المظلوم جراحه، إذا انكسر من الظالم جناحه. وقالوا: الجور آفة الزمان، ومحدث الحدثان؛ وجالب الإحن، ومسبّب المحن؛ ومحيل الأحوال، وممحق الأموال؛ ومخلى الديار، ومحيى البوار. وهو مأخوذ [١] من قولهم: جار عن الطريق إذا نكب عنها، فكأنه عدل عن طريق العدل وحاد عن سبيله.

وفى الإسرائيليّات أن الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، قل لبنى إسرائيل: تجنّبوا الظلم؛ وعزّتى وجلالى إن له عندى مغبّة؛ قال: يا رب وما مغبته؟ قال: يتم الولد، وتقليل العدد، وانقطاع الأمد، والثّواء فى النار.

وقد أوردنا فى ذلك ما يكتفى به من يعلم أن الله تعالى مسائله ومحاسبه، ومناقشه غدا ومطالبه؛ وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، وموقف المظلوم لطلب حقّه ممن


[١] فى الأصل: «وهو مأخوذ به ... الخ» وظاهر أن كلمة «به» هنا مقحمة لغير حاجة.