للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فو الله ما حلّ حبوته ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه فقال: يابن أخى أثمت بربّك، ورميت نفسك بسهمك، وقتلت ابن عمك؛ ثم قال لابن له آخر:

قم يا بنىّ فوار أخاك وحلّ كتاف ابن عمك وسق إلى أمّك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة. وقد ساق أبو هلال هذه القصة بسند وزاد فيها زيادة حسنة نذكرها، فقال:

إن قيس بن عاصم لما فرغ من حديثه التفت إلى بعض بنيه، فقال: قم إلى ابن عمك فأطلقه، وإلى أخيك فادفنه. فبدأ بإطلاق القاتل قبل دفن المقتول.

وقال فى خبره: ثم اتّكأ على شقّه الأيسر وقال:

إنى امرؤ لا يعترى خلقى [١] ... دنس يفنّده ولا أفن [١]

من منقر فى بيت مكرمة ... والفرع ينبت فوقه الغصن

خطباء حين يقول قائلهم ... بيض الوجوه مصاقع [٢] لسن

لا يفطنون لعيب جارهم ... وهمو لحفظ جواره فطن

وقيل: قتل للأحنف بن قيس ولد وكان الذى قتله أخ للأحنف، فجىء به مكتوفا ليقيده؛ فلما رآه الأحنف بكى، وأنشد:

أقول للنفس تأساء وتعزية ... إحدى يدىّ أصابتنى ولم ترد

كلاهما خلف من فقد صاحبه ... هذا أخى حين أدعوه وذا ولدى

وممن اشتهر بالحلم «معاوية بن أبى سفيان» . حكى أن رجلا خاطر [٣] رجلا أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله ويقول: سبحان الله يا أمير المؤمنين!


[١] رواه فى العقد الفريد (ج ١ ص ١٧) :
إنى امرؤ لا يطّبى حسبى ... دنس يهجّنه ولا أفن
وفى عيون الأخبار لابن قتيبة (مجلّد ١ ص ٢٨٦ طبع دار الكتب المصرية) :
إنى امرؤ لا شائن حسى ... دنس يغيّره ولا أفن
[١] الأفن: النقص.
[٢] فى العقد الفريد، وعيون الأخبار «أعفّة» .
[٣] يقال:
خاطره على الأمر: راهته عليه.