للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه رأس الفضائل. والعلم، فإنه من ثمار العقل ولا تليق صحبة الملوك بأهل الجهل.

والودّ، فإنه خلق من أخلاق الناس يولّده العقل فى الإنسان لذوى ودّه. والنصيحة، وهى تابعة للودّ وهو الذى يبعث عليها. والوفاء، فلا تتم الصحبة إلا به. وحفظ السرّ، وهو من صدق الوفاء. والعفّة عن الشهوات والأموال. والصرامة، وهى شدّة القلب فإن الملوك لا يجوز أن يصحبهم أولو النّكول، ولا ينال الجسيم من الأمور إلا الشجاع النّدب [١] النجد. والصدق، فإنه من لا يصدق يكذب، ومضّرة الكذب لا تتلافى. وحسن الزىّ والهيئة، فإن ذلك يزيد فى بهاء الملك. والبشر فى اللقاء، فإنه يتألّف به قلب من يلاقيه، وفى الكلوح تنفير عن غير ريبة. والأمانة فيما يستحفظ. ورعاية الحق فيما يستودع. والعدل والإنصاف، فإن العدل يصلح السرائر ويجمّل الظواهر، وبه يخاصم الإنسان نفسه اذا دعته الى أمر لا يحسن ركوبه. وينبغى له أن يجانب أضداد هذه الخلال؛ وألّا يكون حسودا فإنّ الحسد يفسد ما بينه وبين الناس؛ وليفرّق بين الحسد والمنافسة فإنهما يشتبهان على من لا يعقل؛ وأن يخلو من اللّجاج والمحال فإن ذلك يضرّ بالأفعال اذا وقع فيها اشتراك؛ وألّا يكون بذّاخا ولا متكبرا، فإن البذخ من دلائل سقوط النفس، والكبر من دواعى المقت؛ وألّا يكون حريصا، فإن الحرص من ضيق النفس وشدّة البطش والبعد عن الصبر. وينبغى ألّا يكون فدما [٢] وخما [٣] ولا ثقيل الروح، فإنها صفة لا تليق بمن يلاقى الملوك، وأبدا تكون صفة للمقت من غير جرم. وينبغى لمن صحب السلطان أن يأخذ لعمله من جميع شغله، فيأخذ من طعامه وشرابه ونومه وحديثه ولهوه، لا كما يفعل الأعمار الجهّال بخدمة الملوك، فإن


[١] الندب: الخفيف فى الحاجة. والنجد (بفتح أوّله وتثليث ثانيه) الشجاع الماضى فيما يعجز غيره.
[٢] الفدم: الغنىّ عن الكلام فى ثقل ورخاوة وقلة فهم، أو الأحمق الجافى.
[٣] الوخم: الرجل الثقيل.