للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخلاقهم، راوية للنادر من الشعر والمثل السائر، متصرّفا فى كل فنّ، قد أخذ من الخير والشر بنصيب؛ فإن مالت شهوة الملك إلى ضرب ما وجد عنده منه علما.

ويلزمه أيضا أن يحضر فى الزىّ الظاهر الذى يعرف به، ويشهد فيه المجالس الحافلة من غير أن يتشهر [١] . فإن شاء الملك أن يغيّر حاله وزيّه ويكرمه بشىء من ثيابه، حسن أن يلبس ذلك من وقته حتى ينقضى المجلس، ولم يحسن أن يجلس فيه ظاهرا فى مجلس ثان؛ لأنه شىء اختاره الملك فى ساعة بعينها لا فى كل أوقاته. وأما العمامة والخفّ فلا يخلو منهما. والغرض من ذلك إجلال السلطان عن مشاركته فيما اتسع له من التبدّل والتخيّر فى الزىّ الذى لا ثقل عليه منه، والانفراد به عمن هو دونه. وهذه كانت عادة ملوك الأعاجم؛ لأنهم رسموا لكل طبقة من طبقات أهل مملكتهم برسم من الزىّ ليتميزوا به، ولا يتشبه سوقة بملك، ولا مشروف بذى الشرف، ولا تابع برئيس [٢] .

ومما يجب أن يأخذ به نفسه الإسراع فى الخطو إذا كان بحيث يراه الملك، ليكون مشيه إرقالا ولا يكون اختيالا.

ومما يلزمه أن يتحفّظ منه ويروض به نفسه ألّا يصبّحه ولا يمسّيه ولا يشمّته ولا يستخبره. وإنما ترك ذلك كله لما فيه من تكلّف الجواب. وأوّل من سنّ ذلك وحمل الناس عليه الفضل بن الربيع.


[١] يتشهر: من الشهرة وهى ظهور لشىء فى شنعة. ولم نجد هذا الفعل الذى ورد بالأصل فى كتب اللغة التى بين أيدينا، فلعله تحريف عن «يشتهر» أو «يشهر» .
[٢] الذى فى الأصل: «ولا يتشبه سوقة بملك ولا مشروف بذى الشرف ولا تابع بدنىء الشرف ولا تابع برئيس» والذى ظهر لنا أن «ولا تابع بدنىء الشرف» زيادة وقعت سهوا من الناسخ.