للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى تبعه كالمأموم مع الإمام. والعدوّ إنما يفرق من رئيس القوم، فإذا سمع بذى ذكر كان ذلك أهيب له من أن يسمع بخامل لا صيت له. واذا سمع بشجاع غير فرّار كان آيس من مقاومته، منه إذا سمع بفشئل جبان. وإذا سمع بليّن يطمع فى خداع مثله كان أجرأ [١] على استقباله، منه إذا سمع بصلب فى الدّين شديد فى البأس. فيكون [٢] ما يكون من العدوّ من الإقدام والإحجام بحسب ما يبلغه من حال رأس المسلمين.

فلهذين السببين وجب أن يكون الرأس مستصلحا جامعا لأسباب الغناء والكفاية.

والله تعالى أعلم.

واما ما يلزم قائد الجيش- قال أبو الحسن الماوردىّ فى كتابه المترجم ب «الأحكام السلطانية» ما معناه: إن أمير الجيش يلزمه ستة أحكام:

الأوّل منها- مسيره بالجيش. وعليه فى السير بهم سبعة حقوق: أحدها الرّفق بهم فى السير الذى يقدر عليه أضعفهم وتحفظ به قوّة أقواهم. ولا يجدّ السير فيهلك الضعيف ويستفرغ جلد القوىّ.

فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الدين متين فأوغلوا [٣] فيه برفق فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى»

. والثانى أن يتفقّد خيلهم التى يجاهدون عليها وظهورهم التى يمتطونها، فلا يدخل فى خيل الجهاد قحما [٤] كبيرا، ولا ضرعا [٥] صغيرا، ولا حطما [٦] كسيرا، ولا أعجف رازحا [٧] هزيلا؛ لأنها لا تغنى، وربما


[١] فى الأصل: «أحرى» والمعنى يقتضى ما أثبتنا.
[٢] فى الأصل: «ليكون» باللام، ولكن الفاء هى المناسبة للسياق.
[٣] فى الجامع الصغير «فأوغل ... » وبقية الحديث كما هنا.
[٤] القحم (بالفتح) : الكبير السن جدا.
[٥] الضرع: المهر الذى لا يقوى على العدو.
[٦] الحطم: الفرس الذى تهدّم لطول عمره.
[٧] الرازح: الساقط من الإعياء.