للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: هنالك قارعتك أمك عن الثّكل [١] ؛ قال: [بل [٢]] أمّك! [قال: [٣]] بل أمك يا أمير المؤمنين! فعلاه أمير المؤمنين بالدّرّة. وقيل: بل قال له- لما قال عمر بل أمك- قال: أمى يا أمير المؤمنين «والحمّى أضرعتنى لك» أراد أن الإسلام قيدنى، ولو كنت فى الجاهليّة لم تكلمنى بهذا الكلام. وهو مثل تضربه العرب إذا اضطرّت للخضوع.

ومثل ذلك قول الأغرّ النهشلىّ لابنه لما بعثه لحضور ما وقع بين قومه فقال:

يا بنىّ، كن يدا لأصحابك على من قاتلهم، وإياك والسيف فإنه ظلّ الموت، واتّق الرمح فإنه رشاء المنيّة، ولا تقرب السهام فإنها رسل تعصى وتطيع. قال: فبم أقاتل؟

قال: بما قال الشاعر:

جلاميد أملاء [٤] الأكفّ كأنها ... رءوس رجال حلّقت فى المواسم

فعليك بها وألصقها بالأعقاب والسّوق.


[١] رواية عيون الأخبار (المجلد الأول ص ١٣٠) كرواية الأصل، غير أن اسم الإشارة فيه «ثم» وفى الأغانى (ج ١٤ ص ١٣٧ طبع بولاق) : «قال: عنه قارعتك لأمك الهبل ... » . ولعله يريد- على رواية الأصل وعيون الأخبار- أن يصف السيف بأنه أقتك أنواع السلاح وأروعها، فسلك الى هذا سبيل الكناية فعبر بجملة لازمها يدل على ما يريد أبلغ دلالة إذ يقول: هنالك، أى اذا ذكر السيف أو تقارعت السيوف، قارعته أمه ودافعته عن الثكل والهلاك إشفاقا عليه، فان الاشفاق أعظم ما يكون على المنازل اذا كان السلاح السيف، لأن ضرباته صائبة وقاتلة.
[٢] زيادة عن عيون الأخبار طبع دار الكتب المصرية المجلد الأول ص ١٣٠
[٣] زيادة يقتضيها سياق الكلام.
[٤] فى الأصل: «جلاميد ملء للأكف ... » وفيه تحريف. وما أثبتناه عن الكامل للمبرد طبع أوربا ص ٣٣٣ وأساس البلاغة مادة «ملأ» وفيه يقال: «حجر ملء الكف وأحجار أملاء الأكف» ثم استشهد على ذلك بهذا البيت. وفى عيون الأخبار: «جلاميد يملأن الأكف ... » .