للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو بيان مقداره، كما إذا حاولت نفى الفائدة عن فعل إنسان قلت: هذا كالقابض على الماء، لأن لخلوّ الفعل عن الفائدة مراتب مختلفة فى الإفراط والتفريط والوسط، فإذا مثّل بالمحسوس عرفت مرتبته، ولذلك لو أردت الإشارة إلى تنافى الشيئين فأشرت إلى ماء ونار فقلت: هذا وذاك هل يجتمعان؟ كان تأثيره زائدا على قولك: هل يجتمع الماء والنار؟ وكذلك إذا قلت فى وصف طول يوم: كأطول ما يتوهّم، أو لا آخر له، أو أنشدت «١» قوله:

فى ليل «٢» صول تناهى العرض والطول ... كأنّما ليله بالليل موصول

لم تجد فيه «٣» من الأنس ما تجده فى قوله:

ويوم كظلّ الرمح قصّر طوله ... دم الزقّ عنّا واصطفاق المزاهر

وما ذاك إلّا للتشبيه بالمحسوس، وإلّا فالأوّل أبلغ، لأن طول الرمح متناه وفى الأوّل حكمت أنّ ليله موصول باللّيل، وكذلك لو قلت فى قصر اليوم: كأنّه ساعة، أو كلمح البصر، لوجدته دون قوله:

ظللنا عند دار أبى أنيس ... بيوم مثل سالفة «٤» الذّباب

وقوله:

ويوم كإبهام القطاة مزيّن ... إلىّ صباه غالب لى باطله.

قال: وقد يكون غرض التشبيه عائدا على المشبه به، وذلك أن تقصد على عادة التخييل أن توهم فى الشىء القاصر عن نظيره أنه زائد، فتشبّه الزائد به، كقوله: