للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصريح، ولهذا لو قلت: وبالحق أنزلناه وبه نزل، وقل هو الله أحد وهو الصمد لا تجد من الفخامة ما تجده فى قوله تعالى: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ

وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ

وعلى ذلك قول الشاعر:

لا أرى الموت يسبق الموت شىء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا.

وأما مباحث إنّ وإنما

- فإنه قال:

أما إنّ فلها فوائد:

[الأولى أن تربط الجملة الثانية بالأولى،]

وبسببها يحصل التأليف بينهما حتى كأن الكلامين أفرغا إفراغا واحدا، ولو أسقطتها كان الثانى نائيا عن الأوّل، كقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

وقوله تعالى:

أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ

. وقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ

وقد تتكرر فى كلام واحد، كقوله تعالى: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ

. ثم متى أسقطت «إنّ» من الجملة التى أدخلتها عليها، فإن كانت الجملة الثانية إنما تذكر لإظهار فائدة ما قبلها كما فى الآيات المذكورة احتجت إلى الفاء، وإلا فلا، كما فى قوله تعالى: إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ

فلو قلت:

فالمتقون لم يكن كلاما، وكذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ

فقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ

فى موضع خبر إنّ، فدخول الفاء يوجب عطف الخبر على المبتدإ، وهو غير جائز عند أكثر النحويين.