للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخامسة: قال المبرّد: اذا قلت عبد الله قائم، فهو إخبار عن قيامه،

فاذا قلت:

إنّ عبد الله قائم، فهو جواب عن إنكار منكر لقيامه، سواء كان المنكر هو السائل أو الحاضرين؛ والدليل على أنّ إنّ «١» إنما تذكر لجواب السائل أنهم ألزموها الجملة من المبتدإ والخبر، نحو: والله إنّ زيدا لمنطلق، فالحاجة إنما تدعو الى «إنّ» اذا كان للسامع ظنّ يخالف ذلك، ولذلك تراها تزداد حسنا اذا كان الخبر بأمر يبعد «٢» ، كقول أبى نواس:

عليك باليأس من الناس ... إنّ غنى نفسك فى الياس.

ومن لطيف مواقعها أن يدّعى على المخاطب ظنّ لم يظنّه ولكن [صدر «٣» ] منه فعل يقتضى ذلك الظنّ، فيقال له: حالك تقتضى أن تكون قد ظننت ذلك، كقول الشاعر «٤» :

جاء شقيق عارضا رمحه ... إنّ بنى عمّك فيهم رماح

أى مجيئك هذا مدلّا بنفسك مجىء من يعتقد أنه ليس مع أحد رمح غيره.

وقد تجىء اذا وجد أمر كان المتكلّم يظنّ أنه لا يوجد، كقولك للشىء الذى يراه المخاطب ويسمعه: إنه كان من الأمر ما ترى، إنه كان منى إليه «٥» إحسان فقابلنى بالسوء كأنك تردّ على نفسك ظنّك الذى ظننت، وعليه قوله عز وجل حكاية عن أمّ مريم:

قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى

وحكاية عن نوح: قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ.