للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيد من بين الناس بكسوة الجبّة، وإن قلت: لم أكس إلا جبّة زيدا، فالمعنى تختصّ كسوة الجبّة من بين الناس بزيد؛ وكذلك الحكم حيث يكون بدل أحد المفعولين جارّ ومجرور، كقول السيد الحميرىّ:

لو خيّر المنبر فرسانه ... ما اختار إلّا منكم فارسا.

وكذلك حكم المبتدإ والخبر والفعل والفاعل، كقولك: ما زيد إلا قائم، وما قام إلا زيد.

وأما إنما فالاختصاص فيها يقع مع المتأخر، فاذا قلت: إنما ضرب زيدا عمرو فالاختصاص فى الضارب، وقوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

فالغرض بيان المرفوع وهو أن الخاشين هم العلماء، ولو قدّم المرفوع لصار المقصود بيان المخشىّ منه، والأوّل أتمّ، ومنه قول الفرزدق:

أنا الذائد الحامى الذّمار وإنما ... يدافع عن أحسابكم أنا أو مثلى

فإن غرضه أن يحصر المدافع بأنه هو لا المدافع عنه؛ ولو قال: إنما أنا أدافع عن أحسابكم، توجّه التخصيص الى المدافع عنه؛ [وحكم المبتدا والخبر «١» ] اذا أدخلت عليهما إنما، فإن قدّمت الخبر فالاختصاص للمبتدا، وإن لم تقدّمه فللخبر، فاذا قلت: إنما هذا لك فالاختصاص فى «لك «٢» » ، بدليل أنك بعده تقول: لا لغيرك، فاذا قلت إنما لك هذا فالاختصاص فى «هذا» ، بدليل أنك بعده تقول: لا ذاك، وعليه قوله تعالى: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ

وقوله تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ

فالاختصاص فى الآية الأولى للبلاغ والحساب، وفى الثانية فى الخبر الذى هو على الذين دون المبتدإ الذى هو السبيل.