للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنه لمّا وقف على الديار عرته روعة ذهل بها عن رؤية ما حصل لها من التغيّر فقال: «لم يعفها القدم» ثم تاب إليه عقله وتحقّق ما هى عليه من الدروس، فقال:

بلى عفت وغيّرها الأرواح والدّيم؛ ومنه بيت الحماسة:

أليس «١» قليلا نظرة إن نظرتها ... إليك وكلّا ليس منك قليل.

[وأما التغاير]

- فهو أن يغاير المتكلّم الناس فيما عادتهم أن يمدحوه فيذمّه أو يذمّوه فيمدحه؛ فمن ذلك قول أبى تمّام يغاير جميع الناس فى تفضيل التكرّم على الكرم:

قد بلونا أبا سعيد حديثا ... وبلونا أبا سعيد قديما

فوردناه سائحا وقليبا ... ورعيناه بارضا وجميعا «٢»

فعلمنا أن ليس إلا بشقّ النفس ... صار الكريم [يدعى «٣» ] كريما

وهو مغاير لقوله على العادة المألوفة:

لا يتعب النائل المبذول همّته ... وكيف يتعب عين الناظر النظر

ومنه قول ابن الرومىّ فى تفضيل القلم على السيف:

إن يخدم القلم السيف الذى خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم

فالموت والموت لا شىء يعادله ... ما زال يتبع ما يجرى به القلم