للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما الإيداع]

- قال: وأكثر الناس يجعلونه من باب التضمين، وهو منه إلّا أنه مخصوص بالنثر، وبأن يكون المودع نصف بيت، إما صدرا أو عجزا فمنه قول علىّ رضى الله عنه فى جواب كتاب لمعاوية:

ثم زعمت أنّى لكلّ الخلفاء حسدت، وعلى كلّهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فلم تكن الجناية عليك، حتى تكون المعذرة إليك

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

[وأما الإدماج]

- فهو أن يدمج المتكلم غرضا له فى جملة معنى من المعانى قد نحاه ليوهم السامع أنه لم يقصده، وإنما عرض فى كلامه لتتمّة معناه الذى قصده، كقول عبيد الله بن عبد الله لعبد الله بن سليمان بن وهب حين وزر للمعتضد- وكان ابن عبيد الله «١» قد اختلّت حاله- فكتب الى ابن سليمان:

أبى دهرنا إسعافنا فى نفوسنا ... وأسعفنا فيمن نحبّ ونكرم

فقلت له نعماك فيهم أتمّها ... ودع أمرنا إن المهمّ المقدّم

فأدمج شكوى الزمان فى ضمن التهنئة، وتلطّف فى المسألة مع صيانة نفسه عن التصريح بالسؤال.

وأما سلامة الاختراع-

فهو أن يخترع الشاعر معنى لم يسبق اليه ولم يتبعه أحد فيه، كقول عنترة فى الذباب:

هزجا يحكّ ذراعه بذراعه ... قدح «٢» المكبّ على الزناد الأجذم

وكقول عدى بن الرّقاع فى تشبيه ولد الظبية:

تزجى أغنّ كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها