للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قائل إن أنصفتنى؟ قال: أصعد فأحمد الله وأثنى عليه وأصلّى على نبيّه، ثم أقول:

أيها الناس، إنّ معاوية أمرنى أن ألعن عليّا، ألا وإنّ عليّا ومعاوية اختلفا واقتتلا، وادّعى كلّ واحد منهما أنه مبغىّ عليه وعلى فئته، فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم الله؛ ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك ورسلك وجميع خلقك الباغى منهما على صاحبه، والفئة الباغية على المبغىّ عليها، آمين يا ربّ العالمين؛ فقال معاوية:

إذن نعفيك يا أبا بحر.

وأتى الأحنف مصعب بن الزبير يكلّمه فى قوم حبسهم فقال: أصلح الله الأمير، إن كانوا حبسوا فى باطل فالحقّ يخرجهم، وإن كانوا حبسوا فى حقّ فالعفو يسعهم؛ فحلّاهم.

ولما قدم وفد العراق على معاوية وفيهم الأحنف، خرج الآذن فقال: إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكم الّا يتكلّم أحد إلّا لنفسه، فلما وصلوا اليه قال الأحنف:

لولا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته «١» أن دافّة (أى الجماعة) دفّت «٢» ، ونازلة نزلت، ونائبة نابت، وكلّهم بهم الحاجة إلى معروف أمير المؤمنين وبرّه؛ فقال: حسبك يا أبا بحر، فقد كفيت الغائب والشاهد.

ولما خطب زياد بن أبيه بالبصرة قام الأحنف فقال:

لله الأمير! قد قلت فأسمعت، ووعظت «٣» فأبلغت؛ أيها الأمير، إنما السّيف بحدّه، والقوس بشدّه، والرجل بمجده؛ وإنما الثناء بعد البلاء، والحمد بعد العطاء؛ ولن نثنى حتى نبتلى، ولا نحمد حتّى نعطى.