للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن حكيم المجاشعىّ، وعبّاد بن حصين الحبطىّ، واخترتك وأنت رجل من الأزد، وأنا أقسم إن لم تلقهم فى يوم كذا أشرعت «١» إليك صدر الرمح. فأجابه المهلّب:

ورد علىّ كتابك تزعم أنى أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدوّ لعجز؛ وزعمت أنك ولّيتنى وأنت ترى مكان عبد الله بن حكيم وعبّاد بن حصين، ولو ولّيتهما لكانا مستحقّين لذلك فى فضلهما وغنائهما؛ وأنك اخترتنى وأنا رجل من الأزد، ولعمرى إنّ شرّا من الأزد لقبيلة تنازعها ثلاث قبائل لم تستقرّ فى واحدة منهنّ؛ وزعمت أنّى إن لم ألقهم فى يوم كذا أشرعت إلىّ صدر الرمح، فلو فعلت لقلبت إليك ظهر المجنّ «٢» .

ووجّه إليه الحجّاج يستبطه فى مناجزة القوم، وكتب إليه: أما بعد، فإنك جبيت الخراج بالعلل، وتحصّنت بالخنادق، وطاولت القوم وأنت أعزّ ناصرا وأكثر عددا، وما أظنّ بك مع هذا معصية ولا جبنا، ولكنك اتخذتهم أكلا، ولإبقاؤهم أيسر عليك من قتالهم، فناجزهم وإلّا أنكرتنى، والسلام.

فقال المهلّب للجرّاح: يا أبا عقبة، والله ما تركت حيلة إلّا احتلتها، ولا مكيدة إلّا عملتها، وليس «٣» العجب من إبطاء النصر، وتراخى الظّفر، ولكن العجب أن يكون الرأى لمن يملكه دون من يبصره «٤» ؛ ثم ناهضهم ثلاثة أيّام يغاديهم، ولا يزالون كذلك الى العصر حتى قال الجرّاح: قد اعتذرت؛ وكتب الى الحجّاج: أتانى كتابك