للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واقبلت لديها تتفاخر؛ حتى استعفيت من الحكومة، ونفضت يدى من غبار الخصومة؛ وأخذت أقول: كلّكنّ صوادر عن أصل واحد فتسالمن، وأرفاد عن معدن رافد «١» فتصالحن، وقد ولّيت النظر بينهما من كمل لنسج برودهما، ووفّى بنظم عقودهما؛ على أننى يا مولاى أنشأت هذه الأحرف وحولى أعمال وأشغال لا يسلم معهما فكر، ولا يسلم بينهما طبع؛ وتناولت قلما كالابن العاقّ، بل العدوّ المشاقّ؛ اذا أردته استقال، واذا قوّمته مال؛ واذا حثثته وقف، واذا وقفته انحرف؛ أحدل «٢» الشّقّ؛ متفاوت البرى، معدوم الجرى؛ محرّف القطّ، مثبّج «٣» الخطّ؛ ثم رأيت العدول عنه ضربا من الانقياد لأمره، والانخراط فى سلكه، فجهدته على رغمه، وكددته على صعره؛ لا جرم أنّ جناية اللّجاج بادية على صفحات الحروف لا تخفى، وعادية المحك «٤» لائحة على وجوه السطور تتجلّى.

وكتب: والله يعلم أنى أخبرت بورود كتابه واستفزّنى الفرح قبل رؤيته، وهزّ عطفى المرح أمام مشاهدته؛ فما أدرى، أسمعت بورود كتاب، أم ظفرت برجوع شباب؟ ثم وصل بعد انتظار له شديد، وتطلّع الى وصوله طويل عريض؛ فتأمّلته فلم أدر ما تأمّلت، أخطّا مسطورا، أم روضا ممطورا، أم كلاما منثورا، أم وشيا منشورا؟ ولم أدر ما أبصرت فى أثنائه، أأبيات شعر، أم عقود درّ؟ ولم أدر ما جملته، أغيث حلّ بوادى ظمآن، أم غوث سبق إلى لهفان؟.

وكتب: وصل كتاب القاضى فأعظمت قدر النعمة فى مطلعه، وأجللت محلّ الموهبة بموقعه؛ وفضضته عن السحر حلالا، والماء زلالا؛ وسرّحت الطّرف منه