للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فأما نهر النيل]

فزعم قدامة بن جعفر أن انبعاثه من جبل القمر وراء خطّ الاستواء، من عين تجرى منها عشرة أنهار، كلّ خمسة منها تنصب إلى بطيحة. ثم يخرج من كل بطيحة نهران، وتجرى الأنهار الأربعة إلى بطيحة كبيرة فى الإقليم الأوّل. ومن هذه البطيحة يخرج نهر النيل.

وقال صاحب كتاب «نزهة المشتاق إلى اختراق الآفاق» : «إن هذه البحيرة تسمّى بحيرة كورى منسوبة لطائفة من السودان يسكنون حولها، متوحّشون: يأكلون من وقع إليهم من الناس. ومن هذه البحيرة يخرج نهر غانة، ونهر الحبشة؛ فإذا خرج النّيل منها يشق بلاد كورى ثم بلاد ننه (طائفة من السودان أيضا، وهم بين كانم والنّوبة) ، فإذا بلغ دنقلة (مدينة النوبة) عطف من غربيها إلى المغرب، وانحدر الى الإقليم الثانى، فيكون على شطّيه عمارة النّوبة. وفيه هناك جزائر متسعة عامرة بالمدن والقرى.

ثم يشرّق إلى الجنادل، وإليها تنتهى مراكب النوبة انحدارا، ومراكب الصعيد إقلاعا. وهناك أحجار مضرسة لا مرور للمراكب عليها إلا فى إبّان زيادة النيل.

ثم يأخذ على الشّمال فيكون على شرقيّة مدينة أسوان من بلاد الصعيد الأعلى؛ ثم يمرّ بين جبلين هما يكتنفان لأعمال مصر، أحدهما شرقىّ والآخر غربىّ حتّى يأتى مدينة مصر [١] فتكون فى شرقيه. فإذا تجاوزها بمسافة يوم، انقسم قسمين: أحدهما يمرّ حتّى يصب فى بحر الروم عند مدينة دمياط، ويسمّى بحر الشرق؛ والآخر- وهو عمود النيل ومعظمه- يمرّ إلى أن يصب فى بحر الروم أيضا عند مدينة رشيد، ويسمّى بحر الغرب.


[١] يشير إلى الفسطاط، أى مصر العتيقة فى عرفنا الآن.