للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشيا رفيقا، وهو مع ذلك متلّفت «١» يظهر عدم الاكتراث، فإن تمكّن منه الخوف هرب عجلا حتى يبلغ مكانا يأمن فيه، فإذا علم أنّه أمن مشى متّئدا، وإن كان فى سهل وألجئ إلى الهرب جرى جريا شديدا كالكلب، وإن رماه أحد ولم يصبه شدّ عليه، فإن أخذه لم يضرّه، وإنّما يخدشه ثمّ يخلّيه، كأنّه منّ عليه بعد الظّفر به وهو إذا شمّ أثر الصيّادين عفا أثره بذنبه.

وأمّا جبنه

- فمنه أنّه يذعر من صوت الدّيك، ومن نقر الطّست وحسّ الطّنبور «٢» ، ويفزع من رؤية الحبل الأسود والديك الأبيض والسّنّور والفأرة، ويدهش لضوء النار، ويعتريه ما يعترى الظّباء والوحوش من الحيرة عند رؤيتها وإدمان النظر اليها والتعجّب منها، حتى يشغله ذلك عن التحفّظ والتيقّظ.

قالوا: والأسد لا يألف شيئا من السّباع، لأنّه لا يرى له فيها كفؤا فيصحبه، ولا يطأ شىء منها على أثر مشيه، ومتى وضع جلد الأسد مع سائر جلودها تساقطت شعورها؛ والأسد لا يدنو من المرأة الطامث «٣» ، وهو إذا مسّ بقوائمه شجر البلّوط «٤» خدر «٥» ولم يتحرّك من مكانه، وإذا غمره الماء ضعف وبطلت قواه، فربّما ركب الصبىّ على ظهره وقبض على أذنيه ولا يستطيع عن نفسه دفاعا؛ وأخبرنى بعض من سكن