للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زعارّة «١» خلق، وحدّة نفس، وتجهّم وجه، وشدّة غيظ، ولهذا يقال فى الرجل إذا اشتدّ غضبه وكثر غيظه على عدوّه: «لبس له جلد النّمر» ، أى «٢» تخلّق بأخلاقه؛ والنّمر بعيد الوثبة، وربّما وثب أربعين ذراعا صعودا إلى مجثمه الذى يأوى اليه، وقد شوهد وهو يثب فى اللّيل فيصير فى داخل زريبة الغنم فيأخذ الشاة فيحذفها إلى خارج الزّريبة، ثمّ يثب فيسبقها إلى الأرض، ويتناولها من الهواء قبل أن تسقط على الأرض؛ ومن خصائصه الغريبة أنّ المعضوض منه يطلبه الفأر حيث كان، ويقصده ليبول عليه، فإن ظفر به وبال عليه مات؛ والناس يحترزون على من يجرحه النّمر غاية الاحتراز، والفأر يطلب المجروح كلّ الطلب، ومن أعجب ما سمعت أنّ إنسانا جرحه النّمر فاحترز على نفسه من الفأر، فركب فى مركب، ووقف به فى الماء وقد وثق بذلك، وظنّ أنّ الفأر لا يصل إليه، فاتّفق لنفوذ القضاء المقدّر الذى لا حيلة فى دفعه أنّ حدأة اختطفت فأرا من الأرض، وطارت فخاذت المجروح فلمّا سامته الفأر بال عليه فمات. وقد وجد فى بعض الكتب القديمة: أنّ النّمر إذا عضّ إنسانا أخذ زهر السّمّاق «٣» ودلك به الجرح، فإنّ الفأر لا يقاربه، ويكون فى ذلك شفاؤه؛ وأخبرنى من عاين ذلك عند التّجربة؛ والنّمر يحبّ شرب الخمر، وبها يصاد، فإنه اذا سكر نام؛ وزعموا أنّه يتولّد بينه وبين اللّبؤة سبع يسمّى الذراع «٤» على قدر الذئب العظيم، كثير الجراءة، لا يأوى معه شىء من السباع والوحوش.