للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يأخذه بيديه، ويقف على قدميه كالإنسان، ويشدّ به على الفارس، فلا يصيب شيئا إلا أهلكه «١» ؛ وفى طبع هذا الحيوان من الفطنة العجيبة لقبول التأديب والتعليم ما هو مشاهد لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، هذا مع عظم جثّته، وثقل جسمه، لكن لا يطيع معلّمه إلّا بعنف وضرب شديد وتعمية لذكوره؛ وقال الشيخ الرئيس أبو علىّ بن سينا: إنّ دم الدّبّ ينضج الأورام الحارّة سريعا؛ والله أعلم بالصواب.

ذكر ما قيل فى الهرّ

والهرّ ضربان: وحشىّ وأهلىّ، وهو يشبه الأسد فى الصورة والأعضاء والوثوب والافتراس والعدو، إلّا أنّه أقلّ جراءة من الأسد وأكثرها من سائر الحيوان؛ وهو يناسب الانسان فى أحوال، منها: أنّه يعطس ويتثاءب ويتمطّى، ويتناول الشىء بيده، ويغسل وجهه وعينيه بلعابه؛ وفيه «٢» أنّ الأنثى تحدث لها قوّة وشجاعة عند السّفاد، ولهذا فإنّ الذكر يهرب منها عند فراغه، وتكون هذه الشجاعة فى الذّكر قبل السّفاد، فاذا سفد انتقلت إلى الأنثى، والذّكر إذا هاج صرخ صراخا منكرا يؤذى به من يسمعه لبشاعته؛ والأنثى تحمل فى السنة مرتين، ومدّة حملها خمسون يوما، وفى أخلاق بعضها أنّها اذا ولدت تأكل أولادها، ويقال: إنّها إنّما تأكلهم لفرط حبّها لهم؛ وقيل: بل من جنون يعرض لها عند الولادة وجوع؛ والله أعلم؛ وفى هذا الحيوان من الأخلاق الحميدة أنّه يرعى حقّ