للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد ذلك يلقى قرونه فى كلّ سنة، ثم تنبت، واذا نبتا عرّضهما للشمس حتى يصلبا، وهما اذا كبرا على رأسه منعاه من الجرى؛ ولا يكاد يفلت اذا طلبته الخيل؛ وإذا ألقى قرونه علم أنّه ألقى سلاحه، فهو لا يظهر؛ قال الجاحظ: قال صاحب المنطق «١» : إنّ أنثى الأيّل اذا وضعت ولدا أكلت مشيمتها فتظنّ أنّه شىء تتداوى به من علّة النّفاس؛ وزعم أرسطو أنّ هذا النوع يصاد بالصفير والغناء، وهو لا ينام ما دام يسمع ذلك، ومن أراد صيده من الصيّادين شغله «٢» بعضهم بالتّطريب، ويأتيه البعض من خلفه، فاذا رأوه مسترخية أذناه وثبوا عليه؛ واذا اشتدّ عليه العطش من أكل الحيّات أتى غدير الماء واشتمّه، ثم انصرف عنه، يفعل ذلك أربعة أيّام، ثم يشرب فى اليوم الخامس، وإنّما يمتنع من شرب الماء خوفا على نفسه من سريان السّم فى جسده مع الماء؛ والله أعلم.

قال بعض الشعراء:

هجرتك لا قلى منّى ولكن ... رأيت بقاء ودّك فى الصّدود

كهجر الظامئات الماء لمّا ... تيقّنّ المنايا فى الورود

تذوب نفوسها ظمأ وتخشى ... هلاكا فهى تنظر من بعيد

وقال آخر فى مثل ذلك:

وما ظامئات طال فى القيظ ظمئها «٣» ... فجاءت وفى الأحشاء غلى المراجل

فلمّا رأين الماء عذبا وقد أتت ... إليه رأين الموت دون المناهل