للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحويل القبلة أوّل ما نسخ من أمور الشرع. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلّون بمكة إلى الكعبة. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أمره الله تعالى أن يصلّى نحو صخرة بيت المقدس ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إيّاه إذا صلّى إلى قبلتهم مع ما يجدون من تعيينه فى التوراة.

هذا قول عامّة المفسرين، على ما حكاه الثعلبىّ عنهم.

وقال عبد الرحمن بن زيد: قال الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلم: (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)

، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هؤلاء يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله» .

فاستقبله النبىّ صلى الله عليه وسلم. قالوا جميعا: فصلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا، وكانت الأنصار قد صلّت قبل بيت المقدس ستين يوما، قبل قدوم النبىّ صلى الله عليه وسلم.

وكانت الكعبة أحب القبلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واختلفوا فى السبب الذى كان عليه الصلاة والسلام من أجله يكره قبلة بيت المقدس ويهوى قبلة الكعبة.

فقال ابن عباس رضى الله عنهما: لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم عليهما السلام.

وقال مجاهد: من أجل أن اليهود قالوا: يخالفنا محمد فى ديننا، ويتّبع قبلتنا! وقال مقاتل بن حيّان: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى نحو بيت المقدس، قالت اليهود: يزعم محمد أنه نبى، وما نراه أحدث فى نبوّته شيئا! أليس يصلى إلى قبلتنا ويستسنّ بسنتنا؟ فإن كانت هذه نبوّة. فنحن أقدم وأوفر نصيبا.