للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موقا من الزّحمة. فقال محمد بن سهل: وما حمقها وهى تحضن بيضها، وتحمى فراخها، وتحبّ ولدها، ولا تمكّن إلّا زوجها، وتقطع فى أوّل القواطع «١» ، وترجع فى أوّل الرّواجع، ولا تطير فى التّحسير «٢» ، ولا تغترّ بالشّكير، ولا تربّ «٣» بالوكور، ولا تسقط على الجفير!.

قال الجاحظ: أمّا قوله: «تقطع فى أوّل القواطع وترجع فى أوّل الرّواجع» ، فإنّ الرّماة وأصحاب الحبائل والقنّاص إنما يطلبون الطير بعد أن يعلموا أنّ القواطع قد قطعت، فبقطع الرخمة يستدلّون، فلا بدّ للرّخمة من أن تنجو سالمة إذ كانت أوّل طالع عليهم. وأمّا قوله: «ولا تطير فى التّحسير ولا تغترّ بالشّكير» ؛ فإنها تدع الطيران أيام التحسير، فإذا نبت الشّكير وهو أوّل ما ينبت من الريش فإنها لا تنهض حتى يصير الشكير قصبا. وأما قوله: «ولا تربّ بالوكور» ، فإن الوكور لا تكون إلا فى عرض الجبل، وهى لا ترضى إلا بأعالى الهضاب ثم بمواضع الصّدوع وخلال الصخور حيث يمتنع على جميع الخلق المصير إلى أفراخها؛ ولذلك قال الكميت:

ولا تجعلونى فى رجائى ودّكم ... كراج على بيض الأنوق احتبالها «٤»

وأمّا قوله: «ولا تسقط على الجفير» ، فإنما يعنى جعبة السهام. يقول: إذا رأته علمت أنّ هناك سهاما فلا تسقط فى موضع تخاف فيه وقع السّهام.