للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأما نيسابور وما اختصت به]

فحكى عن عمرو بن الليث الصّفّار أنه كان يقول: كيف لا أقاتل عن بلدة حشيشها الرّيباس، وترابها النّقل، وحجرها الفيروزج. أراد بقوله: «ترابها النّقل» طين الأكل الذى لا يوجد مثله فى الأرض، ويحمل منها إلى أقاصى البلاد وأدانيها، ويتحف به الملوك. قالوا: وربما بيع الرّطل منه بدينار. قال المأمون يصفه:

جد لى من النّقل، فذاك الذى ... منه خلقنا وإليه نصير.

ذاك الذى يحسب فى مثله ... أحجار كافور عليها عبير.

قالوا: والفيروزج لا يكون إلا فى نيسابور، وربما بلغت قيمة الفصّ منه- الذى إذا أربى وزنه على مثقال، وجمع الخضرة والاستدارة، وصبر على النار، وامتنع على المبرد، ولم يتغير بالماء الحارّ- مائتى دينار.

ويقال إن له خاصية فى تقوية القلب بالنظر إليه، كما أنّ للياقوت خاصّيّة فى مسرّة النفس.

ولما دخلها إسماعيل بن أحمد السامانىّ، ملك ما وراء النهر وخراسان. استحسنها واستطابها، وقال: يا لها من بلدة جليلة، لو لم يكن لها عيبان! كان ينبغى أن تكون مياهها التى فى باطن الأرض على ظاهرها، وأن تكون مسالحها [١] التى على ظهرها فى بطنها.

ومن خصائصها الثياب النيسابورية الرّقاق.

وأهلها لا يكرمون الغريب. قال المرادىّ:

لا تنزلنّ بنيسابور مغتربا ... إلّا وحبلك موصول بسلطان.

أولا، فلا أدب يغنى ولا حسب ... يجدى ولا حرمة ترعى لإنسان.


[١] فى الاصل «مشايخها» .