للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومن المبانى القديمة الحضر]

وكان حصنا حصينا مبنيّا بالرّخام، يسكنه ملوك الضّيازن. وهو بين دجلة والفرات، بحيال تكريت.

ويقال إن بانيه الساطرون. وذكر أن قصر ملكه قائم إلى وقتنا هذا فى وسط المدينة، وفى وسطه هيكل مربّع مبنىّ بالصخر، وفيه صور دقيقة المعانى.

حكى أن سابور الجنود حاصره أربع سنين فلم يقدر عليه. واتفق أن بنت ملكه وهى النضرة [١] بنت الضّيزن حاضت، فأخرجت من القصر إلى ربضه لأجل ذلك.

فرأت سابور، وكان جميل الصورة، فعشقته. فأرسلت إليه تقول: إن ملّكتك الحصن فما تجعل لى؟ قال: حكّمتك. قالت: تتزوّج بى. فأجابها إلى ذلك، فقالت له: خذ حمامة ورقاء مطوّقة، فاخضب رجليها بدم حيض جارية بكر زرقاء، وأرسلها. فإنها تقع على سور البلد فيقع لوقته. وكان ذلك حلّ طلّسم له. ففعل ذلك، فوقع السّور ودخل سابور الحصن وقتل ملكه وأصحابه واصطفى ابنته لنفسه. فلما كانت ليلة دخولها عليه، لم تزل متململة قلقلة طول ليلتها، فالتمس سابور ما الذى قلقت من أجله، فاذا ورقة آس قد لصقت بعكنة من عكنها، فقال لها: ما كان أبوك يغذوك؟

فقالت: الزّبد والمخّ وشهد أبكار النحل والخمر، فقال لها: أنا أحقّ منك بثار أبيك، ثم أمر رجلا أن يركب فرسا جموحا وأن يربط غدائرها في ذنبه ويركض به.

ففعل ذلك، فتقطّعت.


[١] فى ياقوت: «النضيرة» .