للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظهر الحيرة. فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان وأمره ببناء الخورنق. فبناه على نهر سنداد في عشرين سنة. بناه له رجل يسمّى سنمار.

فلما فرغ من بنائه، عجب النّعمان من حسن بنائه وإتقانه، فأمر أن يلقى سنمّار من أعلاه حتّى لا يبنى مثله لأحد. ويقال إنه إنما فعل ذلك به لأنه لما أعجبه، شكره على عمله ووصله، فقال: لو علمت أن الملك يحسن إلىّ هذا الإحسان، لبنيت له بناء يدور مع الشمس كيفما دارت؛ فقال له النعمان: وإنك لتقدر على أن تبنى أفضل منه، ولم تبنه؟ فأمر به؛ فطرح من أعلاه.

وقيل: بل قال: أنا أعرف فيه حجرا متى أخذ من موضعه، تداعى البناء. فخاف النعمان إن هو لم ينصفه في أجرته فعل ذلك، فقتله.

والعرب تضرب المثل بفعل النّعمان مع سنمّار في المكافأة على الفعل الحسن بالقبيح، فيقال: جازاه مجازاة سنمّار.

وفيه يقول بعض الشعراء:

جزانى جزاه الله شرّ جزائه ... جزاء سنمّار، وما كان ذا ذنب.

سوى رفعه البنيان عشرين حجّة ... يعلّى عليه بالقراميد والسّكب.

والخورنق تعريب خورنقاه [١] ، وهو الموضع الذى يؤكل فيه ويشرب. والسّدير تعريب سادل أى قبّة في ثلاث قباب متداخلة.

وفي هذه الأبنية يقول الأسود ابن يعفر:

ماذا أؤمّل بعد آل محرّق ... تركوا منازلهم، وبعد إياد؟

أهل الخورنق والسّدير وبارق ... والقصر ذى الشّرفات من سنداد.


[١] والأصح خانقاه. (من هامش الأصل) .