للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم أنس وحش القصر إذريع سربه، ... وإذ ذعرت أطلاؤه وجاذره.

وإذ صيح فيه بالرّحيل فهتّكت ... على عجل أستاره وسرائره.

وأوحشه حتّى كأن لم يكن به ... أنيس، ولم تحسن لعين مناظره.

كأن لم تبت فيه الخلافة طلقة ... بشاشتها، والملك يشرق زاهره.

ولم تجمع الدّنيا إليه بهاءها ... وبهجتها، والعيش غضّ مكاسره.

فأين الحجاب الصّعب حيث تمنّعت ... بهيبتها أبوابه وستائره؟

وأين عمود الملك في كلّ نوبة ... تنوب، وناهى الدّهر فيه وآمره؟

وقال عمر بن أبى ربيعة:

يا دار، أمسى دارسا رسمها ... وحشا قفارا ما بها آهل.

قد جرّت الرّيح بها ذيلها، ... واستنّ في أطلالها الوابل.

وقال شاعر أندلسىّ:

قلت يوما لدار قوم تفانوا: ... أين سكّانك الكرام لدينا؟

فأجابت: هنا أقاموا قليلا ... ثم ساروا، ولست أعلم أينا!

وقال عبد الله بن الخياط الأندلسىّ:

يا دار علوة، قد هيّجت لى شجنا ... وزدتنى حزنا! حيّيت من دار!

كم بتّ فيك على اللّذّات معتكفا، ... والليل مدّرع ثوبا من القار!

كانّه راهب في المسح ملتحف، ... شدّ المجرّ له وسطا بزنّار!

وقال أبو حامد أحمد الأنطاكىّ:

إنّ ربعا عرفته مألوفا ... كان للبيض مربعا ومصيفا.

غيّرت آية صروف اللّيالى، ... وغدا عنه حسنه مصروفا.