للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هو وأولاده، حتى عمرت الدنيا؛ وأنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة، فكانوا يقرأونها ويعملون بما فيها من غير عداوة ولا تباغض ولا تحاسد ولا فسق بينهم؛ وكان إبليس يحسد شيئا وأولاده، فأقبل إبليس إليه فى صورة امرأة حسناء، فقال لها: من أنت؟ قالت: امرأة أرسلنى الله إليك لتتزوّج بى، ولست من بنات آدم. فقال: إن ربى لم يأمرنى بذلك ولا أخبرنى عنك، وما أظنك إلا إبليس. فضحك وقال: إنما أنا امرأة من نساء الجنة، ولا تعص ربّك وتزوّج بى؛ وجعل إبليس يتزيّن له حتى كاد يفتنه؛ فنادته الملائكة: يا نبىّ الله، إنه عدوّك إبليس. فقبض شيث عليه وهمّ بقتله؛ فقال:

خلّ عنّى فإنى من المنظرين، ولكن أعطيك الميثاق أنّى لا أتعرّض إليك بعدها.

فأطلقه ولم يعد إليه.

وولد لشيث (أنوش) على طوله وحسنه؛ فجعله شيث مكانه والخليفة من بعده، وسلّم إليه التابوت، وأوصاه بقتال أولاد قابيل.

ومات شيث وله سبعمائة سنة وعشرون سنة.

وقيل: بل عاش بعد آدم مائتى سنة، وعهد إلى ابنه (أنوش) فقام على أولاده بالطاعة ثلاثمائة عام.

وعهد من بعده إلى ابنه (قينان) ، فعمّر بعد أبيه مائتين وخمسين سنة.

وعهد إلى ابنه (مهلائيل) ، وكثر فى زمانه بنو آدم، وكان منزلهم الحرم فضاق بهم، فقسّم الأرض بينهم خمسة أقسام، وأرسل خمسة نفر من صلحاء قومه يقيمون لهم شرائع آدم- عليه السلام- ويتولّون الحكومة بينهم، وهم ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهؤلاء الذين لمّا فقدوا بلغ من وجد قومهم