للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم اجتمع كبراؤهم إلى ملكهم جندع، وقالوا: نريد أن نتّخذ لأنفسنا إلها نعبده، لم يكن مثله لقوم عاد ولا قوم نوح. فأذن فى ذلك، فنحتوا صنما من جبل يقال له: (الكثيب) وجعلوا وجهه كوجه الإنسان، وعنقه وصدره كالبقر ويديه ورجليه كالخيل، وضربوه بصفائح الذهب والفضّة، وعقدوا على رأسه تاجا، ورصّعوه بالدرّ والجوهر؛ فلمّا كمل خرّوا له سجّدا؛ وقرّبوا القربان، وأقبلوا إلى الملك فقالوا له: اخرج إلى هذا الإله الّذى أتعبنا أنفسنا فى اتّخاذه. فخرج الملك إليه فى زينته وأصحابه؛ فلما رأوه خرّوا له سجّدا؛ ثم أمر الملك أن يتخذ له بيت، وأن يسقّف بصفائح الذهب والفضّة، ويرصّع بالجوهر، وتفرش أرضه بالدّيباج؛ وأمر أن تتّخذ لسائر الأصنام بيوت، وأن يتخذ سرير من العاج والابنوس على عرض البيت، قوائمه من الفضّة، وأن تعلّق قناديل الفضّة بسلاسل الذهب وأمر أن يجعل للبيت مصراعان فى كلّ مصراع مائة حلقة من الذهب والفضّة ويعلّق عليهما ستران، وسمّاهما ستور العزّ، ووضع الصنم على ذلك السرير، وسائر الأصنام الصغار على كراسىّ العاج والآبنوس؛ وأمر أن يندب لخدمة الأصنام رجل من أشراف قومه وأحسنهم وأنسبهم؛ فقالوا: ليس فى ثمود أشرف نسبا وأجمل وجها من كانوه «١» . فاستدعاه وقرّبه وتوّجه وسوّده، وجعله على خدمة الأصنام؛ فقبل ذلك، وتفرّغ لخدمتها وعبادتها، وقوم ثمود يعبدون ذلك الصنم، وقد ازدادوا عتوّا وتجبّروا وكفرا وفسادا، والله تعالى يزيدهم سعة وخصبا، وهم يرون أن ذلك كلّه من بركات أصنامهم.