للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أصبح الملك ودعا بأشراف قومه، وأحبرهم بخبر صالح؛ فقالوا: أحضره حتى نسمع ما يقول. فأحضره فقال: يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ

فقال له نفر منهم: يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ* قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ

فقال له الملك: كيف خصّك ربّك بالرسالة من بيننا، ورفعك علينا وفى قبائل ثمود من هو أعزّ منك؟ فقال: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ*

ثم قال: يا قوم اتقوا الله وأطيعون، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ* أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ* فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ

، أى ليّن وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ

أى حاذقين فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ* قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ* ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

قال: فأقبل الملك عليهم وقال: قد عرفتم صالحا فى حسبه ونسبه، وأنا رجل منكم؛ فما تقولون؟ وما عندكم من الرأى فى أمره؟ قالوا: أيّها الملك أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ

قال الله تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ.

قال: فآمن به منهم جماعة، وخرج صالح من عند الملك، فأمره الله تعالى أن يبنى مسجدا لنفسه ولمن معه من المؤمنين. فأعانته الملائكة على بنائه؛ فلمّا كمل جاءه جبريل بشجرة فغرسها على باب المسجد. وأنبع الله له عينا من الماء العذب.