للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد آخر يقال له: الهاص؛ فلما مات كوش استقل الهاص بالملك دون كنعان واستقلّ كنعان بالصيد، وولع به حتّى ألهاه عن طلب الملك؛ وكان مع ذلك شديد البطش والقوّة، فبينما هو يتصيّد إذ رأى امرأة ترعى بقرات، فأعجبته فراودها عن نفسها، فامتنعت واعتذرت بزوجها؛ فقال: ويلك، هل على وجه الأرض من يطاولنى وأنا من ولد كوش، ونحن ملوك الأرض؟ فضحكت المرأة كالمستهزئة، وقالت: لا تذكر الملوك وأنت رجل صيّاد.

ثم أقبل زوجها فقتله كنعان وأخذ المرأة ووطئها، فحملت بنمروذ، ونقلها كنعان إلى قصره، فكانت من أحظى نسائه؛ ثم قتل أخاه بعد ذلك، واستقلّ بالملك.

ثم رأى فى منامه كأنّه صارع إنسانا فصرعه وقال: أنا مشئوم أهل الأرض ومنزلى الظلمة. وقد أجّلتك حتّى أخرج من ظلمتى هذه إلى ضوء الدنيا.

فانتبه مرتاعا، وأحضر أصحاب علم النجوم، وقصّ رؤياه عليهم؛ فقالوا:

سيولد مولود هو الآن فى بطن أمّه يكون هلاكك على يديه.

وتبيّن حمل الراعية- وكان اسمها شلخاء- وكانت تسمع من بطنها صوتا عجيبا، فسمعه كنعان فقال: ويحك، هذا ليس بآدمىّ؛ وإنما هو شيطان؛ وهمّ أن يدوس بطنها ليقتل من فيه؛ فهتف به هاتف: مه يا كنعان، ليس إلى قتله سبيل.

فلمّا كملت مدّة الحمل وضعته أسود أحول أفطس أزرق العين؛ وخرجت حيّة من حجر فدخلت فى أنفه، ففزعت شلخاء؛ وأخبرت كنعان بخبره؛ فقال: اقتليه فإنّه شؤم. فقالت: لا تطيب نفسى بقتله. قال: فاحتمليه واطرحيه فى البرّيّة.