للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى ذلك النور، وأولئك يقولون: نصرك إله السماء، فبك تحيا الأرض بعد موتها.

فانتبه ودعا بالسّحرة والكهنة والمنجّمين، وذكر لهم رؤياه، وأقسم إن كتموه تأويلها عذّبهم وجعلهم طعما للسباع. فطلبوا أمانه، فأمّنهم، فقالوا: رؤياك تدلّ على مولود من أقرب الناس إليك، يرث ملكك، ويرتفع ذكره إلى السماء والشرق والغرب ويهلكك، وأنه لا يأتيك ومعه سلاح ولا جند. فتبسّم نمروذ وقال: إن كان كذلك فأمره هيّن. ثم قال لهم: فممّن يكون؟ قالوا: من ظهر أقرب الناس إليك، ولا نعلم أكثر من هذا.

ثم قال: ليس أحد أقرب إلىّ من ابنى كوش ووزيرى تارح؛ ثم أمر بآبنه كوش فضرب عنقه؛ وأمر بقتل الأطفال حتى قتل مائة ألف طفل؛ ثم دعا بالمنجّمين فقال: انظروا هل استرحت ممّن كنت أخافه؟ قالوا: ما حملت به أمّه بعد.

وأخذ فى ذبح الأطفال حتى ضجّت الخلائق إلى الله تعالى.

ذكر حمل أمّ إبراهيم- عليه السلام- وطلوع نجمه

قال: وعبر تارح يوما إلى الأصنام فاضطربت اضطرابا شديدا؛ فسجد لها فأنطقها الله، فقالت: يا تارح، جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ

ووافى نمروذ ما كان يحذره، فخرج خائفا وجلا حتى دخل على أمرأته وذكر لها ذلك؛ فقالت: وأنا أخبرك بعجب، كنت قعدت عن الحيض منذ كذا وكذا، وقد حضت فى يومى هذا.

فقال: اكتمى أمرك لئلّا يبلغ الملك. فلما طهرت هتف به هاتف: يا تارح صر إلى زوجتك ليخرج النور الّذى على وجهك. فلمّا سمع ذلك مرّ هاربا على وجهه فإذا هو بملك يقول: أين تريد؟ ارجع فردّ الأمانة الّتى فى ظهرك.