للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

وهبط جبريل- عليه السلام- فقال له: انطلق إلى أبيك وأمّك ولا تخف فإن الله معك. فخرج إبراهيم وجبريل معه حتى وقفه على الباب وقال: هذا بيت أبيك، فدونك هو. فاستأذن إبراهيم وقال: أدخل؟ قال تارح: ادخل. فلمّا دخل نظر إليه فعجب من حسنه وجماله، وقامت أمّه مسرعة إليه واعتنقته وقالت: ولدى وعزّة نمروذ. فقال لها: لا تحلفى بعزّة نمروذ، فإن العزة لله الّذى خلقنى فى بطنك وأخرجنى منك، وكلأنى وربّانى وهدانى.

فارتعد تارح من كلامه وقال لأمّه: أخشى أن تزول عنّى هذه المنزلة بسببه.

ونظر إليه وقال: ما أحسنك! فلولا ما وقع فى قلبى من محبّتك لرفعت خبرك إلى نمروذ.

ثم بكى تارح خوفا عليه أن يقتل، فقال له: يا أبت لا تخف علىّ من القتل فإن الله يعصمنى من نمروذ. فقال له: ألك ربّ غير نمروذ، وله مملكة الأرض شرقها وغربها، وله ثلاثمائة صنم؟ فقال إبراهيم: بل ربّى الله الّذى لا إله إلّا هو خالق السموات والأرض وما بينهما لا شريك له.

وبلغ خبر إبراهيم بعض أقارب تارح، فدخل عليه وقال: ما هذا الغلام الجميل؟

قال: هو ابنى ولد لى على كبر. قال: فما الّذى بلغك من قوله عن نمروذ وأصنامنا؟

قال تارح: هو ما بلغكم، فكلّموه حتى يعود إلى ديننا. فحاجّه قومه وخوّفوه بعذاب نمروذ، وهو يجادلهم ويحتجّ عليهم، ويذكر عظمة ربّه حتى عجزوا عنه فذلك قوله تعالى: وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ

الآيات إلى قوله: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ.