للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر الله جبريل أن يضرب التابوت بجناحه، فيلقيه فى البحر؛ فضربه فمرّ يهوى به حتى ألقاه فى البحر؛ وأمر الله الأمواج أن تلقيه إلى الساحل؛ فلمّا وصل إلى البرّ خرج وقد ابيضّت لحيته لما عاين من الأهوال، وتوصّل من بلد إلى بلد حتى أتى المدينة، فدخل منزله ليلا فأنكره الناس لشيبه، ثم عرفوه؛ وجاءه إبراهيم فقال: كيف رأيت قدرة ربّى؟ قال: قد قتلت ربّك. قال: إنّ ربّى أعظم من ذلك، ولكن هل لك قوّة- مع كثرة جنودك- أن تقاتلنى؟ قال: نعم.

[ذكر خبر إرسال البعوض على نمروذ وقومه]

قال: وأمر نمروذ جنوده فاجتمعوا لحرب إبراهيم وهم لا يحصون كثرة؛ وخرج إبراهيم فى سبعين من قومه الذين آمنوا فى الصحراء، فأرسل الله عليهم البعوض حتى امتلأت منه الدنيا، ولدغت جيش نمروذ؛ فمات من لدغها خلق كثير، والتجأ الباقون إلى الدّور، وأغلقوا الأبواب وأسبلوا الستور؛ فلم تغن عنهم شيئا؛ وانفرد نمروذ عن جيشه، ودخل منزله وأغلقت الأبواب، وأرخيت الستور، واستلقى على سريره، فجاءت بعوضة فقعدت على لحيته، فهمّ بقتلها، فدخلت منخره وصعدت إلى دماغه؛ فعذّبه الله بها أربعين يوما لا ينام ولا يطعم؛ ثم شقّت رأسه وخرجت فى كبر الفرخ، فمات.

وقيل: إنّه اتخذ إرزبّة من حديد، فكان صديقة الّذى يضرب بها رأسه فانفلق رأسه بضربة فخرجت كالفرخ وهى تقول: هكذا يهلك الله أعداءه، وينصر أنبياءه، ويسلّط رسله على من يشاء.

وأرسل الله الزلازل على المدينة، فخرّبت.

قال: وجاء لوط وهو ابن أخى إبراهيم، وآمن به، وآمنت سارة، فتزوّج بها إبراهيم.