للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.

قال: كنّ يأكلن الأترجّ بالسّكاكين فنالهنّ من الدهش والحيرة ما قطّعن أيديهنّ «١» وتلوّثت بالدماء ولم يشعرن؛ فقالت لهنّ زليخا ما حكاه الله عنها: قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ.

وقيل: إنّ النساء خلون به ليعدّلنه «٢» لها، فراودته كلّ واحدة منهنّ عن نفسه لنفسها، ثم انصرفن إلى منازلهنّ.

ثم دعته زليخا وراودته، وتوعّدته بالسجن إن لم يفعل؛ فقال يوسف ما أخبر الله به عنه: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ.

قال: فلمّا أيست زليخا منه مضت إلى الملك ريّان بن الوليد- وكانت لا تردّ عنه- فقالت: إنّى اشتريت عبدا، وقد استعصى علىّ، ولا ينفع فيه الضرب والتوبيخ، وأريد أن أحبسه مع العصاة. فأمر الملك بحبسه، وأن يفرج عنه متى اختارت؛ فأمرت السجّان أن يضيّق عليه فى محبسه ومأكله ومشربه؛ ففعل ذلك؛ فأنكره العزيز، وأمر أن ينقل إلى أجود أماكن السجن، ويفكّ قيده، وقال له: لولا أن زليخا تستوحش من إخراجك لأخرجتك، ولكن اصبر حتى ترضى عنك ويطيب قلبها.