للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعبدى أيّوب؟ وهل نلت منه مع طول عبادته؟ وهل تستطيع أن تغيّره عن عبادتى؟ فقال إبليس: إلهى إنك ذكرته بالخير، وقد نظرت فى أمره فإذا هو عبد عافيته بعافيتك، ورزقته شكرك، ولم تختبره بالبلاء؛ فلو ابتليته بالمصائب لوجدته بخلاف ما هو عليه، فلو سلّطتنى على ماله لرأيته كيف ينساك.

فسلّطه الله على ماله؛ فآنقضّ وجمع العفاريت، وأخبرهم أنه سلّط على مال أيوب، وحضّهم على زرعه وأشجاره ومواشيه، فأحرقوا الأشجار، وصاحوا بالمواشى صيحة فماتت برعاتها.

قيل: وكان له ألف فرس وألف رمكة وألف بغل وبغلة، وثلاثة آلاف بعير، وألف وخمسمائة ناقة، وألف ثور، وألف بقرة، وعشرة آلاف شاة وخمسائة فدّان، وثلاثمائة أتان، مع ما يتبع ذلك من النّتاج؛ فهلك جميع ذلك؛ ثم أقبل إبليس إلى أيوب فى صورة راع من رعاته، وخيل له أن عليه وهج الحريق وقد اسودّ وجهه، وهو ينادى: يا أيّوب، أدركنى فأنا الناجى دون غيرى ما رأيت قطّ مثل هذا اليوم، رأيت نارا أقبلت من السماء فأحرقت أموالك، وسمعت نداء من السماء: هذا جزاء من كان مرائيا فى عمله يريد به الناس دون الله.

وسمعت النار تقول: أنا نار الغضب. فأقبل أيوب على صلاته، ولم يكترث به حتى فرغ منها، وقال: يا هذا، لقد كثّرت علىّ، ليست الأموال لى، بل هى لربّى يفعل فيها ما يشاء. فقال إبليس: صدقت.

وماج الناس بعضهم فى بعض، وقالوا: هلّا قبضها قبضا جميلا.

فشقّ ذلك على أيّوب من قولهم، ولم يجبهم، غير أنه قال: الحمد لله على قضائه وقدره. وانصرف إبليس عنه، وصعد الى السماء، فنودى: يا ملعون