للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه بنت ملك، يجتمعان فى أمنع المواضع وأهولها على سفاح بقدر الله تعالى فيهما. قالت العنقاء: يا نبىّ الله، وقد ولدا؟ قال: نعم الليلة. قالت:

فهل أخبرت بهما؟ من هما وما اسمهما واسم أبويهما؟ قال: بلى، اسمهما كذا وكذا، واسم أبويهما كذا وكذا. قالت: يا نبىّ الله، فإنى أفرّق بينهما وأبطل القدر. قال: فإنك لا تقدرين على ذلك. قالت بلى. فأشهد سليمان عليها الطير وكفلتها البومة. ومرّت العنقاء وكانت فى كبر الجمل عظما، ووجهها وجه إنسان، ويداها وأصابعها كذلك؛ فحلّقت فى الهواء حتى أشرفت على الدنيا وأبصرت كل دار فيها، وأبصرت الجارية فى مهدها قد احتوشتها الظئور والخول، فآختلست المهد والجارية وطارت، ومرّت حتى انتهت بها إلى جبل شاهق فى السماء، أصله فى جوف البحر، وعليه شجرة عالية فى السماء، لا ينالها طائر إلا بجهد، لها ألف غصن، كل غصن كأعظم شجرة فى الأرض، كثيرة الورق، فاتخذت لها فيه وكرا عجيبا واسعا وطيئا، وأرضعتها واحتضنتها تحت جناحها، وصارت تأتيها بأنواع الأطعمة والأشربة، وتكنّها من الحرّ والبرد، وتؤنسها بالليل، ولا تخبر أحدا بشأنها، وتغدو إلى سليمان وتروح إلى وكرها. وعلم سليمان بذلك ولم يبده لها، وبلغ الغلام مبلغ الرجال، وكان ملكا من ملوك الدنيا، وكان يلهو بالصيد ويحبّه ويطلبه حتى نال منه عظيما. فقال يوما لأصحابه: كل صيد البر وفلواته ومفازاته قد تمكنت من صيده، فلو ركبت البحر لأنال من صيده فإنه كثير الصيد كثير العجائب!. فقال وزير من وزرائه:

نعم ما رأيت، وهو أكثر ما خلق الله صيدا. فأمره بجهازه، وهيأ السفن وجعل يختار من كل شىء يملكه، وأخذ من الوزراء والندماء والمشيرين والجوارى والغلمان والطباخين والخبازين والبزاة والصقور وغير ذلك مما يريده ويشتهيه من الملاهى